زاد الاردن الاخباري -
في اطار استمرار اعمال الورشة الاقتصادية الوطنية في الديوان الملكي والتي انطلقت يوم السبت الماضي بمشاركة ثلة من الشخصيات الحكومية والنيابية والاقتصادية للوصول الى خارطة طريق اقتصادية تكون مخرجاتها ملزمة وعابرة للحكومات.
نجد من الضرورة اعادة تسليط الضوء على قطاع الشحن الاردني البري والذي تم الحديث عنه في مناسبات عديدة سابقة ، حول الحاجة الى اعادة هيكلة القطاع بالشكل الذي يؤدي لتبوء موقعه الطبيعي في دعم الحركة الاقتصادية وخاصة التصديرية منها والنقل البيني الداخلي.
اذ يرى مستثمرون في قطاع الشحن البري ان وضع القطاع في اسوء اوضاعه وان العديد من الشركات قلصت انشطتها التشغيلية وبعضها الاخر قد عمل على تصفية اعماله بسبب عدم القدرة على مواجهة كلف التشغيل المرتفعة وعدم توفر بيئة العمل المناسبة من حيث حجم البضائع المنقولة والتي تراجعت كثيرا جراء الظروف الاقتصادية المحلية والاقليمية ، وكذلك من القرارات الحكومية المتعلقة بالقطاع والتي افقتدته ميزته التنافسية.
الا ان ذلك لا يمكن الاستسلام له وعدم البحث في اجراءات معالجة الخلل، لكون قطاع الشحن البري يعتبر شريان مهم واساسي في مسيرة التنمية الاقتصادية وواحد من محركاتها.
وبالضرورة ان ينظر اليه كذلك من قبل المعنيين في الورشة الاقتصادية الوطنية ، لوضع رؤية واضحة لتطوير القطاع والنهوض به ، وذلك لارتباطه العضوي بالقطاعات الاقتصادية الاخرى الصناعية والتجارية والخدمية.
ومن اهم النقاط التي يجب التركيز عليها واخذها بعين الاعتبار لزيادة تنافسية قطاع الشحن الاردني واستعادة مكانته محليا واقليميا النظر الى الامور التالية:
عدم التعامل مع القطاع من منطلق انه اداة حكومية لتخفيف الضغط الشعبي عليها ، من خلال ارضاء هذه المنطقة الجغرافية من الاردن او تلك بحجة وجود متضررين من عملية تنظيم القطاع.
ايجاد اطار تشريعي يحكم عمل قطاع الشحن الاردني بتشجيع تنظيم عمل القطاع من خلال شركات منظمة تعمل وفق اسس اقتصادية والتخلص من الملكيات الفردية في القطاع.
الاعتماد على التنافس بين الشركات وفق الاسس المتعارف عليها عالميا من حيث الملاءة المالية للشركات والكفاءة في اداء العمل ، وابعاد العوامل الاخرى في تحديد حجم عمل كل شركة وعدد النقلات ، والاحتكام لآليات السوق في العرض والطلب.
الاخذ بالاعتبار الحاجة لتحديث اسطول النقل البري الاردني وتماهيه مع الشروط التي تضعها الدول المجاورة للعمر التشغيلي للشاحنة والنوعية والاوزان ، بما يزيد من فرص تنافسية قطاع الشحن الاردني مع قطاعات الشحن المنافسة.
اذا فإن اي استراتيجية متعلقة بالنقل وخاصة نقل الشاحنات يجب ان تكون نابعة من دراسات جدوى اقتصادية مرتكزة على احداثيات وارقام ، ومعتمدة على نهج اقتصادي يطبق اقتصاديات النقل بكل اركانه وتفاصيله ، وعدم اخضاع القطاع للمزاجية وجعله جزء من ادوات الحكومة في حل المشكلات التي تواجهها مع هذه الفئة او تلك.
كما لا بد من النظر بأهمية مطلقة الى دور قطاع الشحن البري كقطاع داعم للتنمية المستدامة من حيث توفير الحوافز للشركات المنظمة ودعمها بالشكل الذي يحقق الاهداف العامة لاي استراتيجية في جعل قطاع الشحن البري ، قطاعا مساهما في النمو الاقتصادي ودعم القطاعات الاخرى ، وتمكينه من استعادة مكانته الاقليمية واستعادة الاسواق التي فقدها بفضل السياسات الحكومية المرتكزة على التأخر بحل جذور المشكلة وترحيلها للامام على حساب القطاع بأكمله.
ولا يجب ان يفوتنا القول ان تطور قطاع الشحن البري جاء متزامنا مع تطور الخدمات اللوجستية التي تكاملت مع قطاع الشحن البري بشكل فعال بالنظر لتطور الانشطة الاقتصادية ، وحاجتها الى حلول لوجستية متكاملة يتداخل فيها عناصر النقل والتخزين والتوزيع وتتبع الشحنات ، ما يعني ان نجاح النشاط الاقتصادي قائم على نجاح كل العناصر الاخرى ، وهو الامر الذي توفره الشركات التي توظف كفاءات وخبرات قادرة على دمج الانشطة المتعددة وتقديم خدمة نوعية للشركات والمصانع ، لا يمكن ان تتوفر في حال بقاء الملكيات الفردية في القطاع دون معالجة واقعية من خلال عدة خيارات اما بالاندماج في شركة نقل او اكثر بحسب الاقاليم تضم مالكي الشاحنات الفردية وبنفس الوقت لا تكون حجر عثرة في طريق تطوير القطاع.
وتعتبر شركات النقل التي تعمل وفق نظريات اقتصادية وعمل لوجستي محترف ذراع اقتصادي تنموي مهم من مصلحة اي حكومة تنظر الى احداث نقلة نوعية في الشأن الاقتصادي ان تقدم لها الدعم وتوفر لها الحوافز للبقاء والتوسع والنمو.
في النهاية يجب النظر الى قطاع النقل بواقع الامر انه فرصة استثمارية واعدة بالامكان البناء عليها اذا ما صدقت النوايا لاحداث التغيير المطلوب مع الاجراءات الضرورية لتعظيم هذا الاستثمار بالشكل المأمول.