(14) وثيقة أردنية حوّلت مسار القضية برمّتها، انتصر بها الأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني لعدالة قضيتهم، قضية سكّان أهالي الشيخ جرّاح، هذه الوثائق الأردنية التي نقلت القضية من مكان لآخر، وجعلت من سكان الحي يعشون حلما ظنّوا أنه صعب المنال، معتقدين أن الأحلام خلقت حتى لا تتحقق، ليروا بأمّ أعينهم القرارات التي تمكّنهم من استصدار قرار من المحكمة الاسرائيلية المختصة يتضمن الإلغاء الكامل لجميع أوامر إخلاء المنازل التي صدرت سابقا بحقهم.
يأبى الأردن إلاّ أن يكون النصير الأول للقدس والمقدسيين، يأبى إلاّ أن يكون السند والمعين والحامي للمقدسات، والداعم لنضالهم في مواجهة خطط الاحتلال الإسرائيلي، عمليا وليس قولا، عمليا وليس شعارات، ليكون دوما كما هو اليوم السبب الأساسي لبقاء القدس أولوية على مستوى عالمي، وجعلها أولوية عربية ودولية، ولا نبالغ في قولنا أن الأردن هو السبب الأول في حماية وصون الحق الفلسطيني وسط اختلال أولويات المرحلة.
تمّكن محامو سكان الشيخ جرّاح من خلال (14) وثيقة قدمتها الحكومة الأردنية إلى الخارجية الفلسطينية وأهالي حي الشيخ جراح ومحاميهم من استصدار قرار من المحكمة الاسرائيلية المختصة يتضمن الإلغاء الكامل لجميع أوامر إخلاء المنازل التي صدرت سابقا بحقهم، إذ كان لهذه الوثائق الدور الحاسم في القرار الذي أصدرته محكمة الاحتلال الاسرائيلي قبل أيام والمتضمن الإلغاء الكامل ، وليس التجميد ،لجميع أوامر إخلاء المنازل التي صدرت سابقا.
هو قرار يصعب وصف وقعه على المقدسين والفلسطينيين بشكل عام، وعلى سكان حي الشيخ جرّاح بشكل خاص، قرار أنصف أكثر من ستين عائلة، وأدخل الفرحة لقلوب أطفال ونساء وشيوخ عاشوا أياما لا يمكن وصف قساوتها عليهم، وهم يستعدّون كل يوم ومع شروق شمس كل صباح لمغادرة منازلهم وتسليمها للمحتل، ليأتي القرار ويجعل من مخاوفهم خلف ظهورهم، فهو الأردن بقيادة الملك عبد الله الثاني الذي زوّدهم بأدوات عملية لينالوا حقّهم، وتصبح مخاوفهم نسيا منسيّا.
قرار المحكمة الإسرائيلية الذي جاء بناء على الوثائق الأردنية ألغى (63) قرارا سابقا باخلاء منازل لسكان الشيخ جرّاح، فهذه الوثائق لها أهمية قصوى فيما تقرر، حيث أصبحت عمليات الإخلاء وقرارات الإخلاء التي صدرت لأهالي الشيخ جراح لاغية، والأهم هنا لاغية نهائيا وليست مجمدة، ليغلق بذلك ملف طال الجدل بشأنه، وطالت النضال الفلسطيني المقدسي بشأنه، منتهيا بالانتصار للحق الفلسطيني المقدسي.
ربما حسن القول في هذا المقام، لا يمكن أن يأخذ نمط العواطف والاستعراض اللغوي، وزخرفة الكلام، فهو انتصار فلسطيني أردني مقدسي، يعبّر عنه بصيغة واحدة أن نضال الفلسطينيين والمقدسيين وأهالي الشيح جرّاح لحماية أرضهم ومنازلهم وتاريخهم لم يذهب سدى، هو نضال توّجه الأردن بالانتصار على سياسات الاحتلال الاسرائيلي، انتصار لا يمكن قراءته إلاّ أنه انتصار الحق على الباطل، وصاحب الأرض على المحتل.
هو الأردن، الذي طالما يؤكد على حق المقدسيين في أرضهم وبيوتهم وتاريخهم، هي ثوابت أردنية بقي وسيبقى عليها، ولن يدخر جهدا في سبيل حماية هذا الحق وتقديم السند والعون لكل ما من شأنه حمايته.