كتب: علي سعادة - من الخدع الكبرى أن يقال لك: إن فلانا مؤثر على مواقع التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا) .
إذ لا يؤشر الإعجاب أو كمية التعليقات أو المشاركة إلى أي شيء، فالحصول على ذلك يسير جدا ومتاح للجميع، ضع مثلا بوست وأنت في المطبخ أو في الكوفي شوب، أو ضع صورتك وضع كلاما يحتمل التآويل، أو قل "أنا مريض "، أو قل مثلا "صباح القهوة"، أو قل "مساء الخير للفخمين"، ستحصل على إعجاب وتعليق لم تتخيله.
جرب أن تضع بوست فيه موقف فكري أو ثقافي أو سياسي أو معارض سيمرون عليك وكأنك رجل خفي غير مرئي.
هذا جانب، الأخطر، أن تؤمن الحكومات والمسؤولون بأن شخصا ما مؤثر، وتصدق هذه الكذبة، مؤثر في ماذا؟ هل هو مؤثر في 400 ألف عاطل عن العمل، هل هو مؤثر مثلا في 100 ألف شاب وصبية فوق 35 يحلمون بتكوين أسرة، هل مؤثر في أكثر من 3 ملايين فقير من بينهم مليون تحت خط البؤس، مؤثر في من؟
أين وقع تأثيره بالضبط؟
جانب أخر، هل يوجد كاتب صحافي مؤثر؟ كيف سيؤثر، وصحيفته بالكاد تبيع ألف نسخة يوما، وفي أي اتجاه سيؤثر، مع أم ضد سياسات الدولة؟ المشكلة هنا أن يتم بيعهم لأصحاب القرار بأنهم نخب ثقافية ومؤثرون وكتاب يحظون بشعبية وبمتابعة من المواطنين.
الحكاية أن الدولة تريد صناعة مثل هذه الأصنام وأن تسوقها وتبيعها للمواطن .
جانب مختلف، لا تصدق أن فلاناً لديه مليون متابع، فأعداد المتابعين تباع وتشتري، 10 دولارات تنشر مقالك على 10 آلاف حساب وهمي، أدفع 100 دولار أو أقل وستحصل على أكثر من 10 آلاف متابع على تويتر، العدد هنا مرهون بكم تدفع.
طبعا نستثني هنا نجوم الرياضة والفن والغناء وبعض السياسيين.
جربت ذلك حين اشتركت بـ"تويتر"، كان عندي 15 متابعا، شاهدت البعض يطلب إعادة ريتويت "تغريدته" مقابل أن يمنحك بعض المتابعين المجانيين، وهكذا واصلت "الريتوت"، وفي أقل من شهر كان عندي 5 آلاف متابع، لم أواصل بعد ذلك لأني وجدت أن غالبيتهم لا يعرفونني ولا أنا أعرفهم.
المعنى، لا تسمح لأحد بأن يبيعك بضاعة فاسدة بأن فلانا مؤثر، فقد تكتشف بعد فوات الأوان أن تأثيره لا يتجاوز غرفة نومه، أو غرفة الجلوس المفتوحة على المطبخ.
لا أحد مؤثراً، فالحروب والمؤامرات مثلا يحيكها البعض بتأثير من عقولهم وحدهم فقط.، حتى الشيطان لا سلطة ولا تأثير له على قرارهم.
الخلاصة، كل واحد هو مؤثر على نفسه فقط، أما أن يكرمها أو أن يتركها للآخرين ليعبثوا بها. قل كلمتك وامضي ودعها تسير في طريقها إلى غايتها.