منذ تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية عام 1999 وجه بشمول طلاب المدارس الحكومية بمكرمة توفير الرسوم المدرسية للطلاب، واعفائهم منها، وهي برغم أنها رسوم تكاد تكون رمزية إلا أنها كانت تثقل الأهالي خاصة من الأسر الكبيرة، ونحن جيل عشنا زمنا كان فيه الأهل يطلبون تأجيل دفع رسوم المدرسة التي لم تكن تزيد عن خمسة دنانير سنويا، ولما كان تمويل الرسوم من طرف جلالته خدمة للأهالي وتيسير سبل التعليم للطلاب، فقد استمرت مكارم جلالته في التعليم، سواء بانشاء الجوائز أو تـأسيس الجامعات والمعاهد، أو الدعوة لمواكبة التعليم العصري الجاد المندمج بالمعرفة العالمية.
نعم الملك كان أميل لمجانية التعليم العام، وطبق هذا المبدأ، وسعى لاحقا لترتيب اوضاع الطلاب المحتاجين في الجامعات، ووسع مكارم القبول في الجامعات لتشمل المعلمين ومكرمة الجسيم لابناء القوات المسلحة، ومكارم أبناء المخيمات، حتى أنه خصص مقاعد لطلاب فلسطين المحتلة لقبولهم في برنامج الطب.
ومن المكارم مؤخراً، صدور توجيهاته السامية قبل اسبوع بشمول 27 ألف طالب ببرنامج المنح والقروض من الذين قدموا للتعليم العالي وتعذر قبولهم، وكان المبلغ المتبقي لشمول هؤلاء الطلاب نحو 30 مليون دينار.
في زمن الملك عبدالله الثاني بُنيت دولة جديدة من المعرفة، وتوسعت الجامعات وزاد الانتاج البحثي العلمي، وبات الاردن الأكثر اسهاما في المحتوى العربي على شبكة الانترنت، وحاز طلابنا جوائز علمية عالمية في تخصصات نادرة وتقدمت المعارف بشكل عام، وانشئت جوائز تكريمية، هي حصيلة جهد ملكي واسهام مباشر من قبل جلالته في المتابعة ودعم الشباب المتعلم، وكان من صور ذلك الدعم أن اصطحب جلالته معه طلاب مدارس وجامعات إلى القمم العالمية، كما أنه زار الجامعات أكثر من مرة والتقى رؤساءها وطلابها عدّة مرات، وكل ذلك يعني أن في ذهن جلالته الاستمرار بتنمية الانسان عبر التعليم النوعي الذي هو ثروة الأردن وجوهر مستقبله.
نعم، لقد تقدم الأردن في عهد الملك عبدالله مسافات طويلة وسريعة نحو عالمية المعرفة، ونحو الاجتهاد العلمي والتميز، والتدريب واعداد المعملين الاكفاء ومن ذلك كانت تأسيس أكاديمية الملكة رانيا للتدريب، وساهم جلالته مباشرة بدعم المتميزين وكرم الباحثين وأسس المركز العليمة البحثية المتخصة التي نمت واتسعت بعهده مثل مركز الحسين للسرطان والمركز الوطني لامراض السكري والغدد، ومركز الخلايا الجذعية وغيرها من المراكز المنتشرة في الجامعات.
ففي ظلال عقدين ونيف من حكم جلاته نحمد الله أننا كنا حاضرين في المشهد المعرفي العالمي وشاركنا العالم ثورة التكنولوجيا واسهم أبناء الاردن في المعرفة الإنسانية بشكل يليق بدعم جلالته للعلم والمعرفة، فشكرا لمكارم الملك وجهده الكبير في دعم الطلاب المحتاجين وغير القادرين على دفع رسومهم، شكراً لرعايته المعرفة والتعليم اللذين هما سبب بناء الفرد وبقاء الوطن بين الأمم الحية.
نعم للاردن جيشان، جيش عربي يحمي ويذود ويداوي ويغيث، وجيش علمي معرفي كبير من آلاف الأطباء والمهندسين والمبرمجين والممرضين والصيادلة وعلماء الانسانيات والعلوم البحتة، وغيرهم من كل الاختصاصات المعرفية، هم الذين ابقوا الأردن قادرا على عبور جائحة كورونا وغيرها من التحديات، وهم الذين سيبقون عدّة الوطن وذخيرته الكبيرة للمستقبل.