زاد الاردن الاخباري -
قضى 414 مواطنا انتحارا في السنوات الثلاث الماضية بأشكال مختلفة، كان جزءا منها، السقوط عن جسر عبدون المعلق، ليصبح هذا المكان مقصدا لـ”اليائسين من الحياة”، جراء ما حدث في نطاقه من حوادث انتحار، ما يثير المشاعر بسبب اقبال المنتحرين على اختياره لأنه يعتبر من الارتفاعات الشاهقة، لتنفيذ انتحارهم وانهاء حياتهم، تحت ظلال ما يعانونه من بؤس وفقر ومشكلات اجتماعية ونفسية اخرى.
ويأتي “الانتحار بالسقوط عن مرتفع”، ثالث وسائل الانتحار المتبعة في الاردن بعد الشنق والحرق، وفق احصائيات المركز الوطني للطب الشرعي، والذي اكد في تصريحات صحفية سابقة، ان المنتحرين من الرجال يفضلون الشنق، بينما النساء يفضلن السم.
جسر عبدون الذي تحول من طريق لتخفيف ازمات السير الى طريق الموت السريع والباحثين عن انهاء حياتهم على مرأى من الناس، ما هي الرسالة التي يسعى المنتحرون لايصالها الى المجتمع وعائلاتهم، باختيار واحد من معالم العاصمة، ليكون طريقهم الى الموت.
وبحسب خبراء في علم الاجتماع، فان اختيار مكان عام ومزدحم لتنفيذ او التهديد بالانتحار، يكون الغاية منه البحث عن موت “صاخب”، يشاهده المجتمع او يصور عبر هواتف المواطنين النقالة، وبالتالي لا يكون موتا عادياً بل يتحول لحديث شارع، ويحصل على تعاطف الكثيرين ممن شاهدوا او سمعوا عن تفاصيل الحادث.
وبين الخبراء، ان كثيرا من حالات الانتحار لا نسمع عنها الا في الاخبار والتقارير التي تبثها مديرية الامن العام، ولها طرق متعددة، اما عبر تناول كميات ادوية مميتة او بالشنق في المنزل او في اي مكان بعيد عن انظار الناس، اما اقبال المنتحر على تنفيذ انتحاره او التهديد به من الاماكن العامة والحيوية، فيدل على انه يبحث عن موت معلن يوجه عن طريقه رسالة الى المجتمع والدولة، مفادها الانتباه الى حالته، او السؤال والبحث عن الضغوط التي تعرض لها، او مورست ضده ليتوجه للانتحار.
وحول هذا الموضوع، قال مصدر امني لـ”الغد”، طلب عدم ذكر اسمه، ان الاجهزة الامنية تتعامل على الفور مع اي بلاغ بوجود شخص على الجسر يحاول الانتحار او يهدد بتنفيذه، مضيفا انه جرى التعامل مع عدة حالات في السنوات الماضية، وثني كثيرين عن الانتحار واتخاذ الاجراءات اللازمة.
وبرغم ان المصدر يؤكد اهمية اتخاذ اجراءات امنية وادارية من الجهات المعنية بشأن بجسر عبدون، لكنه أشار الى ان هناك كثير من الاماكن ووسائل الانتحار التي يمكن ان يلجأ إليها الشخص، مشددا على ان الاجهزة الامنية، تقوم بواجبها ودورها على اكمل وجه في كل الظروف والمعطيات، وتحدث اجراءاتها اول باول.
ويرى خبير علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي، ان لجوء بعضهم الى جسر عبدون تحديدا، يأتي في سياق لفت النظر الى قضيته ومنحها اهمية، بحيث تصل الى الناس والاجهزة المعنية، وقد يكون الشخص فقط يريد ايصال رسالته دون ان يفكر فعلا بالانتحار والقاء نفسه من اعلى الجسر.
واضاف في حديثه لـ”الغد”، انه من المهم العمل على نحو اعمق ومكثف لمعالجة الاسباب والدوافع التي تقود للانتحار او التفكير به، مشيرا الى انها متعددة وتختلف من شخص لآخر، كالاسباب المالية والفقر والديون والامراض النفسية والخلافات الاسرية، فضلا عن الشعور بالاحباط والفشل.
واوضح الخزاعي ان غياب الوازع الديني، يشكل السبب الرئيسي لكثير من حالات الانتحار، ويرى انه ايا كانت الاسباب او الضغوط التي يتعرض لها الانسان، لا يكون الحل بالانتحار، بل يقابل الظروف بقيم الصبر والايمان والعزيمة والثبات، حتى لا يقع فريسة للتفكير السلبي الذي قد يدفعه لانهاء حياته.
امانة عمان الكبرى قالت لـ”الغد” على لسان مصدر فيها، انها تسعى لتنفيذ واتخاذ اجراءات بشأن منع وصول المقبلين على الانتحار الى اعلى جسر عبدون، بحيث ان الملف يخضع للبحث والدراسة، تمهيدا لاتخاذ الحل المناسب لعدم وصولهم لأعلى الجسر.
واضاف ان الامانة تتابع مختلف القضايا التي تتعلق بسلامة المواطنين والمقيمين، ولا تتردد باتخاذ الاجراءات او القرارات المناسبة، مشيراً الى ان اي اجراء يمكن اتخاذه سيكون للحفاظ على السلامة العامة اولا، والمحافظة على الطابع الجمالي والمعماري لجسر عبدون المعلق، والذي اصبح من المعالم الحضارية للعاصمة.الغد