زاد الاردن الاخباري -
أعلنت محكمة بداية عمان – الغرفة المختصة بقضايا المطبوعات والنشر (هيئة القاضية فاتن الرواشدة) عدم مسؤولية الأظناء (المحامي طارق أبو الراغب – مدير هيئة الاعلام وشركة عين للبث الفضائي مالكة الاسم التجاري قناة الاردن اليوم وموقع الاردن اليوم ومحمد فخري العجلومي – بصفته الشخصية وبصفته رئيس تحرير ومفوض بالتوقيع عن الشركة) عن جرمي عدم تحري الحقيقة وفقا لأحكام المادة (5) من قانون المطبوعات وعدم التوازن والموضوعية والنزاهة في عرض المادة الصحفية خلافا لأحكام المادة 7/ج كون فعلهم لا يشكل جرم ولا يستوجب عقاب، كما حكمت المحكمة بوقف ملاحقة الاظناء عن جرم القيام قصدا بإرسال او اعادة ارسال او نشر بيانات او معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتية أو الموقع الالكتروني أو أي نظام معلومات تنطوي على ذم أو قدح أو تحقير وفقا للمادة (11) من قانون الجرائم الالكترونية لعدم اتخاذ المشتكي صفة الادعاء بالحق الشخصي.
وقد جاء حكم المحكمة هذا بعدما ثبت لها ما يلي:
أولاً: إن الظنينة قناة الاردن اليوم لديها صفحة على موقع فيسبوك مرخصة ومسجلة لدى هيئة الاعلام وهي عائدة للظنين محمد العجلوني وأن الظنين طارق ابو الراغب يقوم عبر الظنينة ببث برنامج – سؤال قانوني – والمشتكي هو النائب السابق في مجلس النواب محمد الرياطي.
ثانياً: إن المشتكي قد سافر هو وزوجته إلى أمريكا وقد رزق بمولود أسماه (عمر)، وقد قام المشتكي بإنزال منشور على صفحته على فيسبوك ذكر فيه (الحمد لله الذي اكرمني بمولود اسميته الشيخ عمر اللهم اجعله من الفاتحين لبلاد المسلمين).
ثالثاً: وجه نائب رئيس مجلس النواب في ذلك الوقت نصار القيسي كتاب لرئيس الوزراء يطلب منه الموافقة باعتماد التأمين الصحي الممنوح للنائب محمد الرياطي وزوجته تأمين صحي داخل امريكا لمدة اقامته "لمدة ثلاثة أشهر”.
رابعاً: الظنين طارق ومن خلال برنامجه الذي يبث على قناة الاردن اليوم بتوجيه سؤال للمشتكي فيما إذا كانت تكاليف ولادة زوجته في أمريكا على حساب الحكومة أو على نفقته الخاصة وتساءل عن زيارة المشتكي إلى أمريكا وتزامن ذلك مع تواجد رئيس مجلس النواب في ذلك الوقت (عاطف الطراونة) في ذات الولاية في امريكا.
خامساً: قدم المشتكي هذه الشكوى واعتبر أن ما نشر اساءة شخصية له وأنه خلو من تحري الحقيقة عليه وجرت الملاحقة.
وقد عللت المحكمة قرارها وسببته على النحو التالي:
((ومن خلال بحث العناصر المكونة للجرم المسند للأظناء تجد المحكمة انه تدور حول فكرة أساسية وهي تحري الموضوعية في عرض المادة الصحفية، حيث تعد الموضوعية مطلبا أساسيا لابد من توافره في النقد الصحفي، على اعتبار أن المسؤولية الصحفية والقيمة المهنية للناقد، سواء كان صحفياً أو محرراً، تشترط عند تناوله للشأن العام الالتزام بالحياد، والصدق، ونشر المعلومات بصورة دقيقة وموثقة سعياً لتحقيق المصلحة العامة بعيداً عن الإثارة الصحفية والانطباعات الشخصية التي تؤدي في كثير من الأحيان إلى نشر كتابات تحمل صفة النقد وهي ليست بالنقد المنشود .وبالطبع هناك علاقة تبادلية بين صحة المعلومات وبين النزاهة والموضوعية، بحيث انه كلما كانت الوقائع الواردة في المادة الصحفية مطابقة للحقيقة كلما كانت المادة موضوعية ونزيهة . فالمشرع اشترط تحري الحقيقة بحيث يبذل الصحفي الجهد في تحري الحقيقة، دون ان يشترط ان تكون المادة الصحفية مطابقة للحقيقة والواقع فعلاً، فالصحافة تهدف الى كشف الاخطاء والتجاوزات في مواضيع تهم الناس او المجتمع، الأمر الذي يتطلب قيام الصحفي بأعمال استقصاء وتحقيقات والحصول على المعلومات.
كما تجد المحكمة انه لا بد من البحث فيما اذا كان الاظناء قد قاموا بتحري الحقيقة ام لا عند نشر المادة الصحفية – حتى لو لم يكن ما نشر في المادة الصحفية مطابق للواقع والحقيقة بتفاصيلها – وذلك تحقيقاً لرسالة الصحافة المتمثلة بنشر الوعي والثقافة والعلوم بين الناس وتسليط الضوء على أمور تتعلق بالمجتمع والشأن العام والمصلحة العامة دون الاساءة الى كرامة الاشخاص.
وللصحافة الحق في الحصول على المعلومة ونقلها وتبادلها ونشر الافكار والآراء وتبادلها واحاطة المواطنين بالأنباء الصحيحة ، وابداء الراي النزيه في كل الموضوعات التي تهم الراي العام، وبالتالي فان من حق الصحافة نشر الاخبار التي تهم المجتمع، شريطة ان تتقيد الصحافة بشروط النشر والمتمثلة:
- في تحري صحة المعلومة أو الخبر،
- والا يكون الخبر من الاخبار التي يحظر نشرها بحكم القانون،
- وان تكون تلك الاخبار ذات اهمية اجتماعية،
- وان يكون النشر بحسن النية.
وحيث ثبت للمحكمة من خلال بينة النيابة وتحديداً شهادة المشتكي والبينات الخطية المحفوظة في ملف التحقيق ان الخبر الذي نشر كان مجرد سؤال موجه من الظنين طارق للمشتكي عبر الحلقة التلفزيونية التي بثت على موقع الظنينة الثانية والسؤال فيما اذا كانت تكاليف ولادة زوجته في امريكا على حساب الحكومة ام على نفقته الخاصة وهذا السؤال جاء على اثر الكتاب الموجه من نائب رئيس مجلس النواب إلى رئيس الوزراء يطلب فيه الموافقة باعتماد التامين الصحي الممنوح للنائب محمد الرياطي وزوجته تامين صحي داخل امريكا لمدة اقامته "لمدة ثلاثة اشهر ” وتساءل في ذات البرنامج عن زيارة المشتكي الى امريكا وتزامن ذلك مع تواجد رئيس مجلس النواب السابق عاطف الطراونة في امريكا وبالتالي فان هذه الواقعة التي اوردها الظنين طارق تعتبر صحيحة من حيث تواجد المشتكي وزوجته في امريكا وتزامن ذلك تواجد رئيس مجلس النواب السابق عاطف الطراونة في امريكا حيث اتسم هذا الخبر بالدقة بالنزاهة والموضوعية وحيث استقر القضاء الأردني انه لا يشترط في المادة الصحفية إن تكون صحيحة بكامل تفاصيلها الدقيقة بل يشترط إن تكون بمجملها وان ورود جزئية بالخبر غير صحيحة لا تنفي صحة الخبر بمجمله كما لا يشترط لإباحة النشر إن تكون الوقائع التي تناولها الخبر منقولة بدقة بكل جزيئاتها أنما يكفي ان تكون الواقعة التي تضمنها الخبر صحيحة في ذاتها وصحيحة في نسبتها إلى ما اسندت اليها طالما لم يرد ما يثبت أن تكون الصحيفة قد ابتدعت اخبار ووقائع غير صحيحة وبالتالي يكون ما تناولته الصحيفة لا يخالف احكام المادتين 5و7 من قانون المطبوعات والنشر (انظر لطفا قرار محكمة استئناف عمان رقم 11574/2021) اضافة لذلك فان النيابة لم تقدم أي بينة تثبت توافر القصد الجرمي وسوء النية لدى الاظناء من بث هذه الحلقة هذا من جهة ومن جهة أخرى فان المشتكي وهو نائب في البرلمان وبالتالي فهو شخصية عامة معرضة للمتابعة والتمحيص والنقد باعتبار انه نائب في مؤسسة تشريعية تتصل اتصال وثيق بالصالح العام وبالتالي هو معرض للنقد ، وقد اثارت حرية الصحافة مبدأ حق النقد او ما يسمى بالنقد المباح والذي يعتبر سبب من اسباب التبرير (الاباحة)، فالنقد المباح هو ابداء الراي في امر او عمل دون المساس بشخص صاحب الامر او العمل ، بغية التشهير او الحط من كرامته وعلى ذلك فالنقد المباح هو فعل ليس فيه ذم ولا قدح ولا تحقير، أي ليس فيه مساس بشرف الغير او اعتباره، وانما فيه نعي على تصرفه او عمله بغير قصد المساس من جهة شرفه او اعتباره، فالتفرقة بين الشخص وبين تصرفاته هي التي تعين في النظر- إلى دائرة العدوان المعاقب عليه – ودائرة النقد الذي لا جريمة فيه "انظر لطفا الاستاذ محمد عبدالله محمد بك-في جرائم النشر –دار النشر للجامعات المصرية صفحة 310 والدكتور عماد النجار- النقد المباح –دار النهضة-ص7 "
وعليه تجد المحكمة ان الواقعة التي اشار اليها الظنين طارق في برنامجه من حيث تواجد المشتكي و زوجته في امريكا وتواجد رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة في ذات المكان هي واقعة صحيحة وغير مختلقة وتندرج تحت باب حرية الصحافة ودورها في نشر الثقافة وكشف الاخطاء والتجاوزات وكيفية معالجتها وفقا لأحكام المواد (3و4و6) من قانون المطبوعات مما يعني تحقق اركان وعناصر جرمي عدم تحري الحقيقة وفقا لأحكام المادة (5) من قانون المطبوعات وعدم التوازن والموضوعية والنزاهة في عرض المادة الصحفية خلافا لأحكام المادة 7/ج المسندة للأظناء مما يستوجب اعلان عدم مسؤوليتهم.
اما بالنسبة لجرم القيام قصدا بإرسال او اعادة ارسال او نشر بيانات او معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتية او الموقع الالكتروني او أي نظام معلومات تنطوي على ذم او قدح او تحقير وفقا للمادة 11 من قانون الجرائم الالكترونية تجد المحكمة ان قانون المطبوعات والنشر و قانون الجرائم الالكترونية تضمنا نصوص تجريمية كما أنهما عالجتا الوسيلة التي ترتكب فيها جرائم الذم والقدح والتحقير وتحديد العقوبة المترتبة على ذلك الا أنها لم تمس شروط واركان الجرائم الواجب توافرها لقيام حالة التجريم بل بقيت هذه الشروط تخضع للقواعد العامة الواردة في قانون العقوبات بخصوص جرائم الذم والقدح والتحقير وفضلا عن ذلك وتبعا لذات السياق فان المحكمة تجد إن كافة المفاعيل والاثار القانونية الواردة في قانون العقوبات والمتعلقة بتحريك دعوى الحق العام من حيث اشتراط وجود الشكوى او الادعاء بالحق الشخصي او اسقاط الحق الشخصي تبقى واجبة الاعمال لان قانون المطبوعات والنشر وقانون الجرائم الالكترونية لا يوجد بهما ما يشير إلى تعطيل هذه المفاعيل القانونية وذلك إن المشرع قد اشترط في بعض الجرائم ضرورة تقديم شكوى من المتضرر او اتخاذ صفة المدعي بالحق الشخصي لتحريك دعوى الحق العام لكونها جرائم بسيطة ولا تتعدى حدود الجنح ولان العنصر المدني و الحق الشخصي اقوى واشد من العنصر الجزائي والحق العام وان الضرر الخاص فيها اظهر من الضرر العام فانه يقتضي والحالة هذه الرجوع إلى الاحكام الواردة بشأنها في قانون العقوبات وحيث إن المشرع قد رتب اثراً قانونيا على اسقاط الحق الشخصي فيما يتعلق بجرائم الذم والقدح والتحقير والمتمثل بسقوط دعوى الحق العام وحيث إن المادة 364 من قانون العقوبات قد اشترطت اتخاذ صفة الادعاء بالحق الشخصي من قبل المشتكي للملاحقة عن جرائم الذم والقدح والتحقير حيث نصت المادة المذكورة على(تتوقف دعاوى الذم والقدح والتحقير على اتخاذ المعتدى عليه صفة المدعي الشخصي) وعليه فان هذه المادة واجبة الاعمال في الدعوى المقامة من الجهة المشتكية بمواجهة الظنين وحيث إن الثابت للمحكمة إن المشتكي تقدم بهذه الشكوى بتاريخ 16/7/2020 وكان اتصال المدعي العام بالملف التحقيقي بناء على هذه الشكوى دون ان يتخذ المشتكي صفة المدعي بالحق الشخصي ابتداءً وحيث إن هذا النوع من الجرائم يجب إن يقترن ابتداءً باتخاذ المشتكي صفة الادعاء بالحق الشخصي وحيث لم يتخذ المشتكي هذه الصفة عند تقديم شكواه لدى المدعي العام الامر الذي يغدو ووفقا للمادة 364 من قانون العقوبات وقف ملاحقة الاظناء عن هذا الجرم لعدم اتخاذ المشتكي صفة الادعاء بالحق الشخصي (انظر لطفا قرار تمييز جزاء رقم 1290/2021 تاريخ 27/7/2021) وقرار محكمة الاستئناف رقم 88/2022)).