مكرم أحمد الطراونة - لا جديد في طريقة تحليل معادلة بقاء أي حكومة أو مغادرتها الدوار الرابع. في الواقع فإن كل ما نكترث إليه هو مشاهدة رئيس الوزراء وقد غدا رئيسا سابقا، لنسرع في ترشيح أسماء جديدة لمن سيخلفه في الدوار الرابع.
لدينا دائما رغبة في تغيير الأشخاص والمواقع بسرعة كبيرة، رغم أنه أمر غير صحي ولا يخدم الدولة، فعدم الاستقرار لا يساعد على تنفيذ الخطط والاستراتيجيات طويلة الأمد، خصوصا أن الأردن دولة غير مؤسسية، أي أن رؤية أي حكومة مرتبطة برئيسها، وتنتهي بانتهاء خدمته في موقعه، ليبدأ من هو بعده من جديد.
عشرات التحليلات تقول إن حكومة الدكتور بشر الخصاونة على وشك الرحيل، أو أنها ستشهد تعديلا وزاريا مع اقتراب انتهاء مدة عمل رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب، وتوقع أن يستلم أحد الوزراء موقعه. ربما التعديل الوزاري يمنح الخصاونة نقطة لصالحه إذ إننا اعتدنا أن يطيل أي تعديل عمر الحكومة.
لكن في الواقع ليس من المنطق أن نربط مغادرة الدكتور خالد الكلالدة موقعه بهذا التعديل، حتى لو غادر أحد الوزراء الحكومة لتسلم مستقلة الانتخاب.
البعض يربط رحيل الحكومة بانتهاء أعمال الورشة الاقتصادية، وإقرار قانوني الأحزاب والانتخاب، وانتهاء الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة، وتسليم لجنة تطوير القطاع العام توصياتها، أي في منتصف شهر آيار. وباستثناء الأخيرة فالحكومة غير مشتبكة كثيرا بباقي المهام رغم أن لها حضورا في الورشة الاقتصادية.
هذا الربط يطرح ضرورة أن تأتي حكومة جديدة لتنفيذ الإصلاح الاقتصادي وتحويل مشروع التحديث السياسي لواقع يشارك فيه الناس عبر تنفيذ برامج تدعو للانخراط في الحياة الحزبية التي باتت اليوم تتشكل بصورة أكثر وضوحا مع بدء بزوغ 5 أحزاب تمثل مختلف التيارات السياسية.
لكن، ما الذي يمنع صانع القرار من وضع ثقته بحكومة الخصاونة للسير بهذا الاتجاه، أو بمعنى آخر من هو بديل الخصاونة؟
لا يمكن أن نختلف على أن بداية حكومة الخصاونة تميزت بالبطء الشديد. الآن هي أكثر نشاطا مقارنة ببدايتها، لكنها ما تزال تعاني من عدم قدرتها على الإمساك بجميع الملفات، رغم محاولاتها. البداية المرتبكة ميزة كل الحكومات السابقة، ولا شك أنها ستكون ميزة لما هو قادم، لأن التحديات كبيرة جدا.
من المهم أن نأمل تغيير الحكومة، أي حكومة، إذا كانت غير قادرة على السير جنبا إلى جنب والتحولات السياسية والاقتصادية الداخلية، بل يجب أن نكون أكثر تطرفا بذلك عبر محاسبة كل مسؤول قبل بموقعه ولم ينجح بتأدية المهام الموكلة إليه، إذ لا نحتمل مزيدا من التجريب، لكن علينا أن نأمل أكثر بأن يكون من سيخلف الخصاونة أكثر تميزا وقدرة على إدارة المرحلة الحساسة التي يمر بها البلد.
كغيري من الأردنيين أملك ملاحظات عديدة على أداء الحكومة، كما أشعر بخيبات أمل كثيرة من أداء جميع الحكومات، تلك الحكومات التي دفعنا جميعنا ثمن تخاذلها وضعفها وسوئها، لكن قبل أن أتمنى مغادرة أي حكومة، لا بد أن أكون مطمئنا بأن القادم هو الأفضل.
معادلة بقاء حكومة الخصاونة أو رحيلها ليست مرتبطة بأهواء شخصية، بقدر ما هي استحقاق يجب أن يأتي في أوانه، سواء كان ذلك يوم غد أو بعد عام، فالأمر لم يعد مرتبطا في تغيير الوجوه فقط، بقدر ما يجب أن يكون على صلة بنمط الإدارة الحديثة في بلد حبيس الأزمات الداخلية والخارجية منذ سنوات.