ماهر أبو طير - هذه صورة تقول الكثير، حين يتدفق آلاف الاشقاء السعوديين، ثم ابناء دول الخليج العربي كالإمارات والكويت وغيرهم الى الأردن على مشارف الربيع، والصورة تحكي لك عن الأردن الذي لا نراه، الأردن الذي اعتدنا عليه، وبعضنا للأسف لا يعرف ما فيه من جماليات ومواقع كثيرة.
مئات الفيديوهات القصيرة التي تم بثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأغلبها لأشقاء سعوديين او من الإمارات أو الكويت، قدموا بسياراتهم الى الأردن، وجالوا في مناطق ذات طبيعة خلابة، في شمال الأردن ووسطه، ولأن السوشيال ميديا لها تأثيرها في السعودية ودول الخليج العربي، فقد قدّم هؤلاء اجمل صورة عن الأردن وطبيعته وشعبه، وهي صورة كانت مشرقة بحق.
الطبيعة الخلابة التي نراها هنا امرا عاديا، ولا تلفت انتباه اغلبنا، كانت ميزة بعيون هؤلاء، وربما تقف لتفكر لماذا ننتقص من انفسنا كثيرا، ولا نرى اي ميزة في بلادنا، فيما يراها الجيران الاقربون؟
هذا يقول من جهة ثانية ان علينا ان نغير وسائل الترويج للسياحة في الأردن، مع وجود السوشيال ميديا المؤثرة جدا، والتي تنقل الانطباعات الايجابية والسلبية، وهي اقل في كلفتها بكثير من الترويج عبر وسائل ثانية، واكثر منفعة وجدوى، والادلة على ذلك متوفرة وكثيرة.
تكفي الانطباعات الايجابية الصادقة التي يقولها السعوديون وغيرهم في هذه الفيديوهات، حين يعبر اكثرهم عن طيبة الأردنيين وكرمهم، وكيف لا يتركهم اغلب من يراهم إلا ويصر على دعوتهم على بيته، وهي دعوات صادقة لا تأتي من باب المبالغة، او المجاملة، اضافة الى شعور السعوديين بالأمن والاستقرار في هذا البلد، حيث يقطعون المسافات ولا يؤذيهم أحد بأي تصرف، او كلمة.
حتى من ناحية سياسية، تشعر بأن هذا هو الطبيعي، أي أن ترى السعودي والاماراتي والكويتي وغيرهم، هنا، بين أهلهم وفي ديارهم، في بلاد تتسم بتنوع الطبيعة، وجمالها، وأخلاق أهلها، لأن السياحة تفسد اذا جوبه الزائر بسوء معاملة، او محاولة استغلال، او أي شيء سلبي آخر.
قدوم الآلاف من السعودية، وغيرها، يقول لنا ايضا أن علينا ألا ننتقص من انفسنا، ومن مواردنا، على الرغم من ضيق الحال، وربما التصميم على ان ينهض الأردن، في كل قطاعاته، وان تكون هناك خطط قابلة للتطبيق، يقودك الى تغير الاحوال اقتصاديا، بدلا من الشعور باليأس وفقدان الامل، وسوء الاوضاع، بسبب عوامل كثيرة، وهذا امر يتوجب ان يعمل الجميع على تجاوزه، لأن استمرار الاحباط لن يؤدي الى اي تغير، ودون معالجة اسبابه يصبح خطيرا.
كان الأردن موقعا مهما للاشقاء العرب في التعليم والعلاج، وفي قطاعات ثانية، لكن اخطاء كثيرة أدت الى نفورهم في مرحلة من المراحل، خصوصا، بسبب الاستغلال، وهذا الاستغلال المالي يؤذي بلدا بأكمله، وكان يتوجب وضع حد له من الجهات الرسمية من باب عدم جوازه، وحرمته ايضا.
لم يشعر السعوديون بغربة هنا، والذي يسمع تعليقاتهم على هذه الفيديوهات، يدرك انهم كانوا بين اهلهم، وهذا امر طبيعي، فالثقافة الاجتماعية في الأردن، تكرم الزائر، والضيف، وهذا إرث عن الآباء والاجداد، كما ان هذا يقودنا الى ضرورة وضع تصور لاستعادة جوارنا العربي، الذي لا يجد في كل شمال الجزيرة العربية، موقعاً آمناً، سوى الأردن اليوم، بسبب ظروف يعرفها الكل.
وزارة السياحة، وهيئة تنشيط السياحة لهما دور مقدر، خصوصا، والعالم يخرج من وباء كورونا، وشعوب المنطقة بحاجة للتنفس، وفي بلد مثل الأردن تتنوع مقدراته السياحية، والتعليمية والصحية، وموارده البشرية، مؤهل لأن يكون مركزا اساسيا في الاقليم، على صعيد استقطاب الزوار والسياح، وتحديدا العرب، ثم الاجانب من جنسيات مختلفة.
قدم السعوديون شهادات مشكورة عن الأردن، بكل صدق، وأفادوا الأردن بهذه الفيديوهات أكثر من حملات أنفقت عليها الملايين في عهود سابقة، وهم هنا، ليسوا ضيوفا في كل الاحوال، فهم في ديارهم، واعادوا تذكيرنا بكل شيء جميل في بلادنا، لا نراه في ايامنا العادية، بسبب الاعتياد، او انشغالنا بظروفنا الصعبة، التي لن تنتهي في يوم وليلة، ولا يجوز ان تعمي ابصارنا عما لدينا.
جوارنا العربي، هو الاهم لنا، فيما اكتشف بعضنا الأردن الذي لا يعرفه، ولايريد ان يراه، بعد ان طغى علينا اليأس من كل شيء، والخوف ايضا من المستقبل.