اذا سلمنا بطقس بارد لا يمكن احتماله، لطلبة مدارس صغار قد تغيب عناصر التدفئة في مدارسهم، سنقول نعم لقرار التربية بتعطيل مدارس، واذا افترضنا أن العديد من المدارس ومع ساعات الصباح والتوجه المبكر جدا للطلبة ليستقلوا الباص وصولا الى برودة لا تحتمل، سنقول أن قرار الوزارة كان استباقيا، ليبقى الطالب حبيس سريره ومنزله يتدفأ بما اوتي من لوازم تقيه البرد القارس.
ولا نريد أن نسلم بقرار متأخر تلقته المدارس قبل أن يتم اعلام كادرها وطلبتها، بأن قبل أمس كان يوم عطلة لجميع المدارس بسبب موجة برد غير عادية اجتاحت الأجواء، لكن القصة تكمن بالتالي وتتحدث عن فاقد أكاديمي أصبح متراكما، وطالت تبعاته بداية السنة الثالثة، في واقع أصبح العلم لا يحتمله، ولا ينشد منه خيرا، لجيل أربكته الكورونا..
فاقد اكاديمي ممتد للطلبة بمناهجهم ولغتهم وورقتهم وقلمهم، أطاحت به سنوات، ولحقته عطل قد نعتبر في جزء منها لا مبرر لها، لكن ما حصل كان، وتم تعطيل المدارس وتأخير دوام لحقتها ازمات مرورية، وتوتر طلابي واداري، وترحيل امتحانات وغيرها..
لكن القصة التي تطرح نفسها، لماذا أسسنا للتعلم عن بعد؟ وكيف استعدت مدارسنا الى هذه المنظومة الالكترونية التي أصبحت لا تشبه واقعنا، وأصبحنا لا نجيرها لصالح مثل تلك الأيام التي ترتبط بمثل هذه الظروف والعطل، غير الرسمية كمثل الاعياد والمناسبات الوطنية،
لأنها عطل برسم القرار المرحلي المرتبطة بأحوال جوية، أو أي حدث آخر..
أصبح طلبتنا يمتهنون فن التعاطي مع تلك العطل، ويقفز الطالب فرحا وبهجة بالعطل، أصبح ابناؤنا بانتظار قرار عطلة ثلج أو غيرها من الأحداث، وكأننا بذلك نؤسس لجيل يبتعد عن ثقافة العلم والكتاب والورقة والقلم.
لماذا لم يرتبط القرار للمدارس المجهزة بعوامل «التعلم عن بعد»، بوجود عطلة رسمية بسبب الطقس لكن ابقاء الطالب للدراسة عن بعد في بيته والمعلمة أيضا في بيتها، حيث تم تأسيس الالاف من مدارس المملكة لتتمكن من التواصل مع طلبتها داخل بيوتهم ومن خلف الشاشات، لماذا بتنا نبتعد أو نتناسى أن التكنولوجيا أصبحت حلا لأية ظروف قد نتعرض لها جميعا!! لماذا غاب القرار عن التدريس عن بعد، وكأنها جاءت فرصة للمدارس لابقاء الكتاب المدرسي مغلقا.
يا مدارسنا!! طلبتنا بخطر، تعليمنا أيضا بخطر، وقصة كتبنا وأوراقنا بخطر كبير، فالجيل يتراجع ينسحب بهدوء من منظومة العلم، لماذا لا نتدارك ذلك، ونفرض منظومة تعليم مختلفة، اطارها التعلم عن بعد بالطوارئ، ولماذا نجعل العطلة حرفة، ونغذي بها فكر ابنائنا!! لماذا لم نتخذ قرارا بالتعلم عن بعد في هذا اليوم أو ذلك أو أي قادم لا سمح الله..
فكرة التعلم عن بعد، هي الحل لأية طارئ، ولدفع ابنائنا الى المزيد من المسؤولية بأنه لا بد من التواصل مع منظومة التعلم عن بعد في أي ظرف كان يحول دون توجه الطالب للمدارس، من أجل الجيل ومن أجل التعليم، ولغايات دفع الطالب الى مسؤولية الاحساس بالعلم، ومن أجل أن يحصد الأهل ولو بحد أدنى ما يتم دفعه للمدرسة الخاصة تحديدا لقاء عطل متكررة وفصل دراسي تصل أيامه الى تفاصيل، ابتعد فيها الطالب عن الجو العام الذي يدفعه للدراسة الجدية الممنهجة.
الا ندرك كم فات على هذا الجيل من علم وتواصل مجتمعي مع عالمه الصغير والكبير ! الا ندرك كم فقد من علم وخلق !! الا نعلم كم فاته !! الا نعلم كم انصاع لرغبة الالعاب والخمول والكسل والالعاب الالكترونية !!.
يا سادتي.. امنحوهم فرصة لاعادة الحياة التي فقدوها وفقدناها واياهم كأهل ومجتمع.. امنحوهم بعضا من اعادة طبيعية للمسار الصحيح.. واعيدوهم الى ملف ما قبل ثلاث سنوات، اعطوهم الحد الادنى للوصول بهم للمسؤولية، واستغلوا ما تم تأسيسه من منظومة التعلم عن بعد، واستخدام التكنولوجيا للابقاء على التعليم متواصلا، ولربط العطل الطارئة باستخدام التكنولوجيا للتعليم..
التعليم هو الرصيد، وهو المستقبل وهو حكايات الاجيال التي تنبض بحكاية كل يوم من التحدي والمسؤولية والثقافة التي استبدلها الجيل بأصل كل الحكايات الا التعليم !!.