النظام العالمي الجديد، الذي يدعو اليه الداعون منا، ويبشروننا ببزوغ نجمه، يعني إعادة تقسيم العالم بين الدول الأقوى اقتصاديا وعسكريا.
فالنظام العالمي الجديد أو القديم، هو نظام تقاسمِنا وتقسيمنا واستلابنا، نحن الشعوب والأمم الفقيرة الضعيفة، كما جرى في اتفاقية بوتسدام في آب سنة 1945، حين جرى تقاسم العالم بين الدول الثلاث المتحالفة المنتصرة في الحرب العالمية الثانية: بريطانيا وأمريكا والاتحاد السوفيتي، ولم يعر احد آنذاك، أدنى اهتمام لمطالب الجنرال شارل ديغول وفرنسا «أم ندهتين».
وآنذاك ايضا، باع -تُقرأ تنازل- جوزيف ستالين زعيم الإتحادُ السوفياتي، اليونانَ التي ساهم حزبُها الشيوعي في هزيمة النازية، إلى بريطانيا، وكانت الظروف مهيأة كليا لإعلان اليونان دولة اشتراكية، وبدل ذلك تم ذبح الشيوعيين اليونانيين كالأغنام.
لا يوجد نظام عالمي قائم على الحق والعدل والحرية والديمقراطية، وما استمرار الاحتلال الإسرائيلي، رغم قرارات الشرعية الدولية، الا البرهان على الانحياز والمصلحة والظلم.
يوجد نظام عالمي يقوم فقط على الأَغلال والاستغلال.
ولم تكن الدول العربية المتحالفة مع الاتحاد السوفياتي، في حال حسن، فقد تعرضت إلى اقسى الهزائم وافدح الخسارات، بسبب تفوق الدعم الأمريكي لإسرائيل على الدعم السوفيتي للعرب.
والحرية أكثر ما كانت مفرغة ومعدومة في الدول العربية «التقدمية»، رغم انها كانت أحد أضلاع المثلت الذي علّقته في رقبتها: وحدة حرية اشتراكية.
ولنا في صراع جناحي حزب البعث في العراق وسورية، الدليل الأبلغ على أن شعار الوحدة كان مفرغا كليا من مضمونه. فقد بات مكشوفا أن إيران قصفت بغداد بصواريخ سكود السورية والليبية، وأن الطائرات الإيرانية انطلقت من المطارات السورية لقصف بغداد اثناء الحرب العراقية الإيرانية.
الحرب الدائرة اليوم، أو سمِّها الغزو الروسي لاوكرانيا، هي حرب مؤقتة محدودة في الزمان والمكان، بهدف تحقيق اهداف روسية وطنية، وليست حربا إقليمية ولا دولية.
وهي ليست حربا تفضي إلى هدم النظام العالمي الظالم القائم، وقيام نظام عالمي جديد.
ومهما تم من مصالحات واتفاقيات، فقد تضرر العالم ضررا بليغا وتضررنا نحن ايضا ضررا، يعتمد في قوته وضعفه، على استمرار الحرب أو توقفها.