إنها سيدة الارض والسماء، سيدة الحب والعطاء، وحكاية الماضي والحاضر والمستقبل، إنها التي يتحول التراب تحت أرضها وقدميها الى سبائك من ذهب تحاكي بها قصص الأبناء، والأحفاد، وقصص الذكريات التي لا تتوقف الا عند أعتاب قلبها النابض بكل تفاصيل الحكاية..
إنها سيدة الكون يا كل الكون، إنها التي ترفع يديها الى السماء تتضرع الى رب العباد، بأن تكون طريق ابنائها ممهدة بالخير وأن يتحول الصعب الى سهل، والشوك الى ورد جوري، والتراب الى أرض معبدة بالحب والخير ومنح السماء العالية، لتمنح الكون نظرة للسماء، ودعوة الى الله، وقدم ثابته تدق الارض ظلا ليتفيأ العالم تحت أفيائها..
انها سيدة القضايا جميعها، التي تدفع باتجاه الحب والصدق، وظل الأخ ونفس الأب غاب أو حضر، إنها التي تتمثل بصورة ملاك وهي تتقمص كل شخصيات العالم، لتكون اما وأبا وأخا، وأبنة، وطفلا وآية من الصدق تجتاح القلب فتفرز عشقا لا يتوقف..
إنها تلك الواحة التي لا تتصحر، ولا تتحول الى رماد، ولا يقترب منها الفقر ولا القهر،إنها تلك الأرض الخصبة، التي لا تمنحنا سوى طاقة ايجابية، وتتصدق بكلماتها لتدفع البلاء عن كل من يمكن أن يمسه ضر أو قهر أو حتى جرح..
قدر الله واقع, واقوى من كل شيء، تغيب فيغيب معها ليس الحياة لا بل كل الحياة، وكل تقاسيم الحاضر والمستقبل..
إنها سيدة الحضور الذي لا يغيب، فحضنها هو الذي يحول الكرب الى قرية خضراء مليئة بالحب تعتريها ألوان الفرح فلمسة يديها على جبهتك تمسح منك الحزن والوجع والقهر إن حضر، وتبعد عن ملامحك أية تكهنات بأن الحياة قد ارهقتك..
إنها سيدة الكون وما بعده.. إنها التي تدوس بقدميها وجه البيت، فتحول التفاصيل الى طاقة ايجابية، وتقرأ بين السطور قصة حياة ابنائنا، إنها تلك السيدة العظيمة التي تشيح بوجهها عن حفيد أو حفيدة، عتبا حقيقيا منها لأنها غائبة عن الصلاة لأي سبب لا يمت لفكرها بصلة، لأن الصلاة في قاموسها هي الدين ونهج الحياة، والخلق والتاريخ، وهي تلك الفريضة الالهية التي عليها أن لا تغيب عن يومهم..
إنها سيدة البيت وما حوله، تفرض نمطا عجيبا من المحبة بين الأسرة لمن اراد أو يريد أن يقتنص لحظة هروب، فتبعث بين الكائنات المودة التي تجوب القلوب جميعها، لنكون جميعنا تلاميذ في مدرسة حياتها..
إنها التي ترى بين جوارحنا، وفوق جباهنا صورة أب غاب، لنكون بين يديها قصص نجاح «كما ترانا» وتقرأ في ملامحنا تاريخا لأب زرع خلقا فأثمر كل الأخلاق بين جنباتنا، لتكون هي ملكة الموقف، دوما لتدفع ثمن حزنها المارد، ودموعها التي لم تجف لسنوات طويلة.. لكنها أبت أن تقهرها الأيام لتتألق دوما في حضورها، ولنبق ننظر الى وجنتيها ووجهها المبارك، لتبق أما وأختا، وصديقة، وربما إبنا في عمر العشرين في حضرة جلوسنا..
إنها سيدة الأرض والكون، يا تقاسيم العالم المهاجرة الى كل أعتاب الغربة، التي ذاقتها في إبن أو بنت، فتذهب روحها هنالك عندما نترجل الى مكان ما، وتبقى تمسك بيدها التي غزتها تجاعيد الحب وقسمات وجه لم تتعبه السنوات، لا بل زادت به نورا وايمانا وقربا لأبناء وأسرة تفوق وجه الارض بمظلتها الواسعة، وقلبها الذي لم يشخ يوما..
نعم،إنها أمي وامهاتكم..، مثلها الملايين لكن كل أم لا تشبه أحدا!، إنها وجه السماء على الأرض، إنها الحاضرة بكل لحظاتها، إنها صورة الوطن في قلوبنا، والأرض في عيوننا، إنها أمي سيدة الارض والكون وملاك رحمة وعطاء وصدق وخلق تمنح زادها لكل منا بحكاية وتاريخ وقصص هي من صنعتنا، ومنحتنا أصل الحكاية، لتكون هي دوما في تقاسيمنا وملامحنا كل حكايات الكون..
عذرا ان اخطأنا بحقك لحظة سامحينا يا سيدة الدنيا