مع الاقتراب من نهاية مشروع التطوير السياسي والمتمثل في إقرار التعديلات الدستورية وقانوني الأحزاب والانتخاب ، ومع اكتمال تطبيق رؤية الدولة وجلالة الملك في مؤسسات سياسية مبنية على تكتلات حزبية برنامجية؛ يتبادر إلى ذهن أي سياسي سؤال: ماذا بعد إقرار هذه القوانين .!!! وما هو مصير السلطات السياسية الحالية من حكومة وبرلمان وأعيان بعد أن أصبحت هذه التعديلات جاهزة ..!!!
للإجابة عن هذه الاسئلة يجب أن ننتبه إلى مواعيد دستورية تنظم وتفصل في آنٍ معاً علاقة السلطات مع بعضها البعض، حيث ما يزال شرط حل الحكومة التي يُحل في عهدها مجلس نواب خلال 10 أيام قائما، ولا يستطيع الرئيس تشكيل حكومة جديدة – مع استثناء آخر 4 أشهر من عمر مجلس النواب (عمر مجلس النواب 4 سنوات).
وكذلك شرط إجراء الانتخابات خلال 4 أشهر من تاريخ حل أي مجلس نواب، وإذا لم تحدث انتخابات خلال هذه المدة يعود المجلس المنحل.
ولا ننس أيضا مادة في قانون الأحزاب والتي تطالب الأحزاب القائمة بتعديل عددها ونسب الشباب والمرأة وعمل مؤتمرها التأسيسي خلال أقل من عام بحضور نصف المؤسسين..
إذا جمعنا رؤية الدولة السياسية وربطناها بما ذكرنا من مواد دستورية وقانونية واسقطناها على المشهد السياسي الحالي يمكن أن نبني توقعات حول مصير سلطات الدولة الثلاث ( الحكومة
ومجلسي النواب والأعيان )..
ونبدأ أولاً بالحكومة؛
٠هناك 3 سيناريوهات تنتظر الحكومة:
فإما بقاءها على نفس التشكيل، – وهو شي مستبعد -؛ حيث الأداء لا يسعف بعض الوزراء البقاء في مواقعهم وأن يحملوا مشروع الدولة القادم الاقتصادي والإداري.
أو التعديل؛ مع أن رئيسها نفى في مقابلة تلفزيونية هذا السيناريو الا انه يبقى مخرج آمن لبقاء الحكومة والحفاظ عليها، وذلك بضخ دماء جديدة بحيث تكون قادرة على حمل مشروع الدولة الذي ينتظر التسويق والتنفيذ.
أو التغيير واستبدالها بحكومة جديدة، وهو يبدو سيناريو برأي متابعين قرار متوقع؛ حيث الدولة بحاجة لحكومة جديدة تحمل مشروع الدولة الجاهز، ولكن هذا السيناريو – إذا حدث – سيكون أبرة حياة لمجلس النواب وذلك لانه لا يمكن حل مجلس النواب قبل شهر 7 لعام 2024 مع الاحتفاظ بالحكومة الجديدة، ومن غير المنطق حل حكومة جديدة إذا أراد صاحب القرار عمل انتخابات مبكرة ..!!!
ثانياً مجلس النواب؛ حيث هناك أمامه 3 سيناريوهات ايضا:
اولاً؛ حل المجلس بعد الدورة العادية -منتصف شهر 5 أيار- وذلك مع تغيير حكومي، المؤيدون لهذا السيناريو يرون أن مشروع الدولة السياسي يجب أن لا يتجمد لمدة طويلة خصوصا إذا حدث تغيير للحكومة ، ولكن يصطدم هذا السيناريو بشرط عقد الانتخابات قبل 15/ 9 ايلول – خلال 4 أشهر من تاريخ الحل – وكذلك يصطدم أيضاً بشرط مطالبة الأحزاب بتعديل وضعها حسب شروط قانون الاحزاب خلال عام – يعني شهر 4 نيسان /2023…!!!
ثانياً ؛ بقاء المجلس كامل مدّتهِ – الحل بعد شهر 7 تموز/ 2024 – وهذا يعني بشكل مباشر تأجيل مشروع الدولة السياسي بحدود عامين ونصف من الآن ..!!!
ومع أداء المجلس الذي لا تخلوا جلسة دون مشكلة أو مسبات مع عدم حضور وفقدان النصاب بشكل متكرر في غالبية الجلسات؛ تبدوا فرصة المجلس ضعيفة في البقاء كل هذه المدة …!!
ثالثاً؛ الحل في أي وقت – قبل نهاية هذا العام أو بعد انتهاء الدورة الثالثة شهر 5 أيار /2023 – وهذه السيناريوهات تعطي للأحزاب فترة لتصويب اوضاعها وكذلك لا يحدث تأجيل لمشروع الدولة السياسي والمتمثل في برلمان حزبي برامجي.
اما مجلس الأعيان ؛ فأمامه خياران :
اولاً ؛ حل المجلس في شهر 9 ايلول وإعادة تشكيله – يكون مرّ عامان من عمره – ومع انتهاء مدة رئيس المجلس والمنصوص عليها بعامين من تاريخ التكليف يكون المجلس أمام خيار الحل أو إعادة التشكيل مع تكليف نفس الرئيس أو رئيس جديد.
ثانياً؛ بقاء المجلس وعدم التغيير عليه، وفي هذه الحالة لا يحدث تغيير الا على رئيس المجلس؛ فإما أن يجدد له أو يكلف شخص جديد.
من كل ما ذكرنا من سيناريوهات وتوقعات يبدوا أن صاحب القرار سيدرس جميع هذه الخيارات مجتمعة، ويخرج في قرار يعكس رؤيته الإصلاحية السياسية ويحدد الأشخاص الذين سيحملون وينفذون مشروع الدولة الاقتصادي والإداري.
وفي النهاية؛ هي احتمالات قائمة، وهي قراءة في واقع المرحلة السياسية الحالية، ويبقى صاحب القرار -جلالة الملك – هو صاحب الحق الدستوري بالتغيير أو التعديل أو إعادة التشكيل لجميع هذه السلطات حسب ما يراه مناسبا.