انتخابات جيدة سارت بسلاسة وانضباط ونزاهة. وبنسبة مشاركة – ونسبة نجاح أيضا – معقولة للشباب والنساء والحزبيين. أما الملاحظات السلبية على الانتخابات فهي تلك المعروفة والمزمنة والموروثة ويرتبط تحديها والانتصار عليها بمشروع التحديث السياسي.
لا أدرى لماذا تفاجأ البعض من تدني نسبة الاقتراع، فهي قريبة من نسبة الانتخابات البلدية والنيابية السابقة ولم يحدث جديد يرفع نسبة الاقتراع بل ان الأكثر تشاؤما توقعوا نسبة أدني مما تحقق. وبالطبع وكالعادة كانت أدني المعدلات في المدن الكبرى أولا عمان ثم الزرقاء ثم اربد. ولم يظهر أي طابع حزبي في هذه الانتخابات لكن كانت نسبة مشاركة الحزبيين معقولة بل ونجح منهم 10 رؤساء بلديات. وظهرت تعليقات تسخر من هذا الإعلان وتسأل لماذا لم نتعرف عليهم اثناء الانتخابات. والاجابة ببساطة ان المرشحين للانتخابات لا ينزلون رسميا باسم الحزب ولا يضعونه في مقدمة لافتاتهم لأن طبيعة الانتخابات المحلية الخدمية العشائرية لا تقتضي ذلك والقاعدة السياسية المساندة ليست متوفرة بعد. وشخصيا امتحنت ذلك مع المرشحين أعضاء الحزب الديمقراطي الاجتماعي ومع انهم لا يخفون انتماءهم للحزب ويعتزون به لكنهم يعتقدون ان النزول باسم الحزب الآن هو عبء عليهم فهم يعتمدون واقعيا على الثقل العشائري والشخصي. ومع استثناءات نادرة فإن الحال كان هكذا لجلّ المرشحين من جميع الأحزاب وهو أمر مفهوم ويجب تفهمه ولا تلام الأحزاب عليه ولا المرشحين الى حين قطع شوط معقول في عملية التحديث السياسي.
يجب ان نتذكر ان هذه الانتخابات استبقت مشروع التحديث السياسي ولا يجوز محاكمتها من منظور تحقيقها لمشروع التحديث بما في ذلك تعميق المشاركة وتوسيعها وخصوصا في المدن الكبرى. وقانون الإدارة المحلية الذي جرت بموجبه هذا الانتخابات استبق توصيات اللجنة الملكية بشأن الإدارة المحلية ولم يحتوِ على اية تغييرات جوهرية تختلف مع القانون الذي سبقه. ومقارنة بسيطة مع توصيات اللجنة الملكية تظهر البون الشاسع بين القانون والمقترحات الإصلاحية الضرورية لتطوير مجالس البلديات والمحافظات بوصفها اللبنة الأساس للتنمية والمشاركة والديمقراطية. ولذلك لم يكن متوقعا بالطبع ان تلعب الأحزاب دورا جوهريا في هذه الانتخابات ونحن ما زلنا لم نبدأ مشروع التحديث السياسي وعماده قانوني الأحزاب والانتخاب.
كان من رأينا تأجيل الانتخابات لحين انجاز قانون يتضمن توصيات اللجنة الملكية لكن الحكومة مالت للالتزام بالمواعيد الدستورية وتجنب التأجيل فكان متوقعا انتخابات لا جديد فيها الا المزيد من اتقان الهيئة المستقلة لدورها وعملها والالتزام بمعايير الشفافية ونراهن فيما تبقى على قوة وحسن الأداء لهذه المجالس التي تضم نسبا اعلى من الشباب والخلفيات المهنية القوية. ولا بدّ من لفت الانتباه الى فوز شخصيات سياسية نظيفة وبارزة في العمل العام في الأردن ( عماد المومني ونبيل الكوفحي) برئاسة بلديات كبرى مثل الزرقاء وإربد.