أنا أصدق معالي خالد الكلالدة رئيس للهيئة المستقلة للانتخابات بأن ما جرى من انتخابات كانت مهنية وصلت حد الإعجاز. تذكرت حينها عندما كتبت مقالة عام 2013 بعد ممارستي لتجربة أن اكون رئيس لجنة اقتراع وفرز بعنوان : كنت في مطبخ الانتخابات، حينها أكدت على أن الإجراءات كلها سليمة ومراقبة ومصانة إلى درجة رفيعة من المستوى. نعم أنا أؤكد على أن الهيئة تسهر على رعاية العملية الانتخابية بشكل احترافي لكل خطوة فيها، لكن ما نراه من شراء الذمم هنا وهناك، ويافطات تعلق وصور مرشحين مفعمين بابتسامة مرسومة بدقة تظهر فيها أسنان ناصعة وعمليات تجميل واضحة، فنقرأ أن هذا مرشح الشباب، وحين تبحث في سيرته المهنية والعملية لا تجد شيئا غير أنه يريد تمثيل الشباب، ومرشحة وجدت نفسها في خضم الحملات الانتخابية بسبب رغبة في مقعد الكوتا، ومرشح أكل الدهر عليه وشرب لكنه يرى في مقعد البلدية أو الأمانة مكانة وجاها وعلاقات.
ليصرح وزير البلديات كريشان أن الديمقراطية في المحافظات التي شهدت إقبالا على الانتخاب وأنهم أبناء الوطن ويهمهم من يمثلهم، وأنه لا يعلم سبب عزوف أهل عمان عن الانتخابات، ثم يقول أنهم لا يهتمون بالديمقراطية الا للانتقاد، وأن أهل عمان لا تعنيهم الانتخابات، وعليه لم يعد من حقهم الانتقاد، مضيفا أن ما يمنع المرأة من التصويت للمرأة هي الغيرة بينهن.
معالي الوزير الطيب: هذا كلام مرسل وفيه إدانة وتعميم لا يجوز أن تصدر بحق أبناء العاصمة ويفترض أن تضيف محافظة الزرقاء ثاني أكبر تجمع سكاني والبحث الوطني الحقيقي عن أسباب العزوف عن الانتخابات.
إن أسباب العزوف لا تتعدى الشعور بعدم تمثيل حقيقي لمن يصبحون في مجلس الأمانة، بينما في البلديات فالمواطن على تماس مباشر مع الذي انتخبوه ويشاهدوه ويلمسوا إنجازاته أو إخفاقاته دون وسيط،.
عمان والزرقاء لا تجدان تمثيلا حقيقيا لما يدعى بالحكم المحلي.
إن نسبة 29% الذين اقترعوا ممن يحق لهم الاقتراع تكاد تصبح السمة الغالبة في الانتخابات النيابية والبلدية. كما أن النسبة المتدنية للأحزاب في المشاركة بالانتخابات تعود إلى القانون.
انتهت الانتخابات بما انتهت عليه، ولا تعني الزيادة العددية للمقترعين عن عددهم عام 2017 أن الوعي الديمقراطي والانتخابي قد زاد، فلو أخذنا نسبة الزيادة السكانية الطبيعية فهي كافية كي يصل العدد لما وصل إليه فيما بقيت النسبة تراوح مكانها.
لن يكون هناك إقبال كبير على الانتخابات طالما بقيت نفس الآليات والإجراءات والقوانين التي نقر كلنا بسلامة التنفيذ لها، لكنها أيضا القاصرة في أن تمنحنا حياة ديمقراطية حقيقية.