حسن محمد الزبن - تحت رعاية رئيس الوزراء الأسبق عبد الرؤوف الروابدة، جرى حفل التوقيع لكتاب «حكايتي- من الكسارة إلى الوزارة»، في المركز الثقافي الملكي، وتحدث في الحفل وزيرة الثقافة هيفاء النجار، والدكتور عمر الربيحات، والكاتب أسامة الرنتيسي، والدكتور أسامة تليلان، فيما ادار الحفل الروائي عامر طهبوب.
صاحب كتاب«حكايتي- من الكسارة إلى الوزارة»، وزير سابق، وسفير عتيد، وكاتب صحفي حصيف، وفوق هذا وذاك سياسي ألمعي، وقدر له أن ينهل من مدرسة الملك الرحال الحسين بن طلال، بحكم قربه من صانع القرار أيامها، فهو كيس فطن ويُحترم، لقلمه الندي بالحب للوطن، ومواقفه لقضايا الناس عموما، ولأنه من طينتهم، وجزء من فلسفتهم للحياة، وقريب بإحساسه لنبضهم، فلا تجده في لامة أردنية وإلا له رأي، ولا في عرس وطني إلا مشاركا، رغم أنني لم ألتقيه سوى مرة واحدة في محاضرة له منذ سنوات طويلة، كانت في اتحاد الكتاب الأردنيين، لكني أقرأ كل ما يكتب في عموده عبر الصحافة، واتابع كل ما يكتب في المواقع الاخبارية، ومن هنا تأتي معرفتي له، وأحسب أنني قادر أن أحدد ملامح شخصيته الفذة المحبة للأردن والأردنيين، ولفلسطين وأهلها، وخطه بالدفاع عن قضاياه الوطنية، وهو يستحق أكثر مما وصل إليه، عبر ما اجتهد وقدم عبر مسيرته، حرا وشهما ونشميا.
وهو شخص لا يعرف اللون الرمادي، ولا يقبل بتزييف أو مداهنة، يحب أن يضع النقاط على الحروف، هكذا هو، وهذا بارز في صفحات كتابه من خلال شخصية "أبو هنوش" وهو أحد الشخصيات والابطال الشعبيين الذين وردت مآثرهم في حكايته التي صدرت مؤخرا، وكان لي شرف قراءتها بشكل يومي عبر صفحات جريدة الدستور، فكثير من القضايا لا يلزم معها إلا الموقف الواضح والحازم باتخاذ موقف.
والنص في «حكايتي- من الكسارة إلى الوزارة»، يحفر في ذاكرتنا الجمعية، ويدخل في دهاليز حياتنا، ويأخذ مسافة وحيز من تغليب ثقافة الأردني وطيبته وموروثه الاخلاقي في التعامل مع الآخر، الذي يعكس الجوهر في الاحترام والود في التعامل البيني المجتمعي، الذي ينعكس على سمعة الشخص، ويعطي انطباع عام بصفات الأردني أينما حل، وتذكرنا بقيمة المعلم عندما كان المعلم له احترام مطلق كالأب لا فرق بينهما، والمعلم كان يعمل ويعطي من دمه ووقته لأجل المدرسة والتلاميذ، لقد كانت الحياة على صعوبتها إلا أن فيها عذوبة ونكهة من نوع فريد، لما فيها من صدق وقيم ومآثر، لقد تقدم صاحب الحكاية على كثيرين في رؤيته، أنه مثال للمعلم، يجب التعلم من تجربته وطريقته وقناعاته المقدرة، ونهجه كمدير في مدرسة حمامة العموش في المفرق، وإيمانه بقدسية الرسالة، رسالة التربية والتعليم.
قد يبدو للبعض أن صاحب «حكايتي- من الكسارة إلى الوزارة»، أنه صعب في مواقفه، نقول نعم، وليكن، ما دام يحتكم لضميره الحي، الذي لا يعرف وجهان، فهو ابن الأجفور، وكانت المفرق الأرض التي تشكل وعيه فيها، امتدادا إلى الغور في منطقة سويمة ليعمل مدرسا، وقد تنقل بين معان والشوبك وبصيرا والطفيلة وقرى المفرق ليستقر في عمان على رحابتها وآفاقها الواسعة، فالرجل واجهته صعاب، واعترضت حياته منغصات كثيرة، ومرّ في ظروف قاسية كأبناء جيله عموما، منها عمله في كسارة بأجرة يومية نصف دينار، وخاض معتركا في مسار حزبي، يعتبر من التجارب والمحطات التي أثرت في حياته، وكابد الأمرين، وبعد دروب طويلة وتجارب كان فيها المر والعلقم، تمازجت بفيض من العسل، يقف اليوم شامخا بما أنجز، و قاده الطموح والمثابرة للمنصة التي يقف عليها.
كان صاحب «حكايتي- من الكسارة إلى الوزارة»، من البراعة والإدهاش في السرد، مابين اللحظات والمواقف الدرامية، وتلك العفوية المحكمة بالكوميديا التي ما زالت ترافق شخصيته.
وكتابه لا يكفيه مقال، فهوبوح عميق يتجانس مع الذاكرة الشعبية الأردنية، ويختزل الكثير من مسيرة وطن بأكمله.
ومبارك للنشمي حفل التوقيع،،