فرويد قال : ان الاحلام تعويض عن نقص ما .
و قال فرويد مع التصرف بالعبارة : ان الحلم ياتي من فائض خيال لتعويض نقص ما .
الفقير يحلم بالجنة ، والضعيف يحلم بالقوة ، والمريض يحلم بالشفاء والتعيس يحلم بالسعادة والمديون يحلم بالبنك والدولارات ، والحرامي يحلم بالعفة
،و الجبان يحلم بانه فارس وحامل سيف النصر ، والمظلوم بالعدالة والمسجون بالحرية .
ولو تقوم جهة مستقلة باجراء استطلاع ورصد لاتجاهات متابعة الاردنيين لاخبار السويشل ميديا اتوقع ان النتيجة ستكون صادمة ، وستتصدر اخبار الطبخ والمطاعم والمقويات الجنسية ، والعلاج البديل .
البحث عن النقص والمكمل في العلاقة الانسانية والبيولوجية .و ما يغيب عن الذهن ان ثقافة الاستهلاك في الاعلانات التجارية انتجت نوعا من التطرف والانتقام الاجتماعي .
ذروة الجنون اوصلته الراسمالية الرقمية «الاقتصاد الرقمي « ، وجنون بلا حدود في الاستهلاك وثقافته ، اطلب سندويشة فلافل تصلك الى البيت ، واطلب زجاجة مياه تصلك الى البيت ، واطلب صحن مخلل يصلك الى البيت .
اسراف في الاستهلاك والضحايا من طبقة الموظفين والعمال وهم فقراء ، ومقسومين ما بين فقراء عارين وفقراء مستورين . اقتصاد جديد لتطبيقات دليفري اهلكت العائلة الاردنية ، وادخلت انماطا استهلاكية مقلقة وخطيرة .
اختفى صحن الزعتر والزيت ، واختفى صحن اللبنة والسلطة والمقدوس والتبولة واساسيات «مونة البيت» .. يحدثني صديق : ان اولاده لا ياكلون من طبخ البيت ، دليفري وتواصي لاكل خفيف وسريع من مطاعم غير معرفة على الواقع ، وتغزو عالم السويشل ميديا .
و لربما ان جزءا من السؤال هنا صحي وعذائي ، وهل يلزم الاردنيون تناول طعام مهدرج وماكولات هامبرغر وشاورما وشاندويشات ؟ وهذا طبعا ، على حساب السلامة والصحة الغذائية والامن الغذائي للافراد والمجتمع والدولة .
و في غمرة السؤال عن الامن الغذائي وازمة ارتفاع اسعار السلع الاستهلاكية الرئيسة والاساسية ، لماذا لا يعاد تعريف ثقافة الاستهلاك ؟ وترسم محاذير للمسموح والممنوع غذائيا ، وان لا يبقى سوق الاستهلاك مفتوحا لشهوات وغرائز تجار ومطاعم تروج لقيم وثقافة استهلاك قاتلة للاقتصاد والامن الغذائي والصحي الاردني .
من اين ياتي الاكتفاء الذاتي وطنيا ؟ والاقتصاد يعتاش على الاستيراد وثقافة الاستهلاك وينجر وراء قيم راسمالية وتطبيقات رقمية سوف توصل الاردنيين الى حافة الجوع والهوان والاصابة بفقر مدقع لعين وامراض واوبئة صحية فارطة ومهلكة .
ثقافة الاستهلاك سلاح قاتل للاقتصادات الوطنية والاكتفاء الذاتي والامن الغذائي .. وقد غزا هذا النموذج الراسمالي دولا تحولت وتبعت اقتصاد السوق والانفتاح الاقتصادي والليبرالية الجديدة ، وقد بلغت الى حد الانهيار والافلاس الاقتصادي والتشوه والتقزيم السياسي ، ومشروعها الوطني اليوم التحرر من استبداد اقتصاد السوق والمؤسسات الراسمالية الكلاسيكية « البنك الدولي».