سلامة الدرعاوي - أثارت قرارات الحكومة الأخيرة الخاصة بيوم الانتخابات وتحديد دوام القطاع العام خلال شهر رمضان الفضيل تساؤلات مهمة في الشّارع حول الأسباب التي دفعت الجهات الرسميّة لاستثناء القطاع الخاص من تعاميم رئاسة الوزراء، بعد ان كانت القرارات في السابق تشمله.
أحسنت الحكومة باستثنائها القطاع الخاص من تعاميم التعطيل التي كانت دائما تتخذها وتشمل تلقائيا القطاع الخاص من ضمنها، فما ينطبق على القطاع العام يسري أيضا على القطاع الخاص، وهذا فيه ضغوطات كبيرة على الشركات وأرباب الأعمال الذين يدفعون أجورا إضافية في حال إلزام العمال والموظفين بالعمل أثناء تلك العطل.
فالغالبية منهم تريد ان تسير بتعميم الحكومة من حيث العطل الرسميّة والدوام، ولا يهم إذا ما كانت عجلة الإنتاج تسير بالشكل الصحيح أم لا، ولا يهم إذا كانت هذه العطلة مكلفة ماليا على منشآت القطاع الخاص خاصة تلك التي لا يمكن إقفالها او تعطيلها مثل المتاجر والمخابز والمصانع التي تعمل على الدوام دون انقطاع، حتى الشركات الكبرى مثل التعدين والأسمنت والمصفاة وغيرها من الشركات التي لا تستطيع إدارتها تعطيلها ولو لدقائق محدودة، نظرا لأهميتها الاستراتيجيّة في إدامة عجلة الإنتاج، وضمان تزويد الأسواق المحليّة والخارجيّة بكافة احتياجاتها من المواد والسلع الأساسية ودعم تدفق الصادرات بالشكل المخطط له دون انقطاع.
دوام القطاع الخاص في العطل التي لا لزوم لها كما كان في السابق هو قرار مالي بحت يكلف الشركات ومنشآت القطاع الخاص أعباء ماليّة إضافية، مما قد يحمل الشركة ديونا جديدة وضغوطات لا تستطيع بالوضع الطبيعي سدادها او تحملها، والكل يعلم ان الشركات اليوم تعاني من تلك الضغوطات، وأقولها بصراحة انه لولا برامج التمويل التي استحدثها البنك المركزيّ وبرامج استدامة في الضمان الاجتماعيّ منذ عامين تقريبا، لما استطاعت غالبية المؤسسات في القطاع الخاص على مختلف مستوياته دفع رواتب العاملين لديه بالشكل الذي حدث في الأردن، حيث استفاد اكثر من 200 ألف عامل من التسهيلات التي قدمتها البرامج السابقة شملت تعريفاته 20 ألف منشأة وشركة من القطاع الخاص، فكيف يطلب من القطاع الخاص في ظل هذه الظروف والتحديات الصعبة التي يعيشها ان يتحمل مزيدا من الاعباء الماليّة التي هو بالأساس غير قادر على تلبيتها دون مساعدة الحكومة؟
الجانب الآخر في استثناء تعطيل ودوام القطاع الخاص مما يحدث لدى القطاع العام، هو ان العطل في الأردن تحت مسمياتها المختلفة تعتبر الاعلى في العالم، فلدينا 21 يوما من العطل مدفوعة الأجر، و16 عطلة رسميّة احتفالا بالأعياد الدينية والوطنية وما الى ذلك، ناهيك عن العطل القسرية التي باتت سمة بارزة في كل منحفض جوي، مما جعلت الأردنيين في إجازات شبه دائمة، ويتطلعون دائما الى تلك الاجازات بغض النظر عن العمل الذي بات ثانويا للكثير.
القطاع الخاص بمؤسساته وقطاعاته المختلفة أدرى باحتياجاته التشغيليّة من الحكومة التي عليها واجب التأكد من التزام القطاع الخاص بحقوق العاملين المنصوصة عليها في قانون العمل وضمان اجوره كاملة، وغير ذلك فعلى القطاع الخاص تحديد شكل أعماله وإنتاجيته ودوامه بعيدا عن تدخلات الحكومة وغيرها.