زاد الاردن الاخباري -
كتب - عماد عبد الرحمن - اعتبر محللون وسياسيون وقانونيون ان حديث جلالة الملك عبدالله الثاني الجلسة الحوارية في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس أواخر الشهر الماضي والذي بثته محطة «CNN» ووسائل الاعلام اول امس وامس عبر عن مشاعر وتطلعات كافة ابناء الشعب الأردني امام «المحافل الدولية المؤثرة»، مؤكدين ان جلالته يلفت نظر القوى المؤثرة في العالم الى ما ستؤول إليه الأمور في المنطقة في حال استمرار الوضع السياسي والأمني في المنطقة كما هو عليه.
ورأوا ان استمرار الحاق الظلم والجور بحق أبناء الشعب الفلسطيني، ومواصلة إنكار حقوقه ومنعه من تحقيق تطلعاته في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، على التراب الفلسطيني ،ومواصلة الاعتداء العسكري «غير المتكافئ» كما حصل في غزة قبل نحو عام، من شأنه توفير «حاضنة» للتطرف ،وتمكين الجماعات المتطرفة من الحصول على الدعم الشعبي المطلوب وبالتالي دعم دول لها مصالح في الإقليم في استمرار «تأجيج الصراعات»، لتنفيذ مخططاتها ومصالحها وضرب الأمن والإستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
وكان جلالة الملك أكد خلال اللقاء «أن الأوضاع في المنطقة ستزداد سوءًا إذا لم يتم إحراز تقدم حقيقي نحو حل الدولتين كحل وحيد ، لأن القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع في المنطقة»، مشددا جلالته على» إن فرص تحقيق السلام في المنطقة ستتضاءل بشكل كبير إذا لم يتم البدء بمحادثات جادة وفاعلة لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، محذرا من أن استمرار الوضع القائم يقوض فرص قيام الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة، ما سيجعل المنطقة رهينة للصراع والعنف لعقود طويلة».
وأتفقوا على ان جلالته لم يغلق باب الأمل الذي يخفت ضوؤه يوما بعد يوم من حيث «إنه إذا ما تم التوصل لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في سياق إقليمي شامل ستحل العديد من الملفات الساخنة في المنطقة».
لكن جلالته «رفض أي طرح بقيام الأردن بدور في الضفة الغربية، وأكد أن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة على التراب الوطني الفلسطيني هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار».
وبينما عبر وزير الداخلية الأسبق عوني يرفاس عن اعتزازه بما ورد في حديث جلالة الملك، كونه «عبر عن مشاعر وتطلعات ورؤى الأردنيين جميعا»، رأى عميد كلية الحقوق في جامعة عمان العربية للدراسات العليا الدكتور علي خطار ان حديث جلالة الملك « وضع النقاط على الحروف كون الصراع في المنطقة لن يجد طريقه الى الحل إذا لم يتم حل القضية الفلسطينية بعدالة وبما يحقق تطلعات وحقوق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة مثل بقية الشعوب في العالم».
وقال خطار «ان من مصلحة امريكا واسرائيل ان تجد حلا نهائيا للصراع حتى لا تتسع شعبية وسطوة الجماعات المتطرفة والدول الداعمة لها في المنطقة»، مبينا ان «المسلم لا يقبل ان تراق دماء مسلم آخر ظلما وجورا ويقف متفرجا على ما يحدث امام ناظريه».
حديث جلالة الملك الذي أطلق تحذيرا جديدا ضمن سلسلة تحذيرات أطلقها على مدى السنوات الأخيرة لكافة الأطراف وضمن سياق رؤى عميقة وواقعية، يؤشر على «جملة ورسائل» وفقا لمحللين سياسيين، ينبغي التوقف عندها لما انطوت عليه من مواقف وثوابت اردنية من قضايا الامة وحقوقها التي لا يمكن التفريط بها ناهيك عن الشجاعة والنزاهة والانحياز لثقافة السلام والصدقية التي ميزت عمل الدبلوماسية الاردنية والتي باتت محل تقدير واحترام في العالم بأسره وبخاصة في عواصم القرار الدولي بعد ان اكدت الاحداث عمق ودقة القراءة الاردنية لمجريات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ومعطياته.
وفي صراحة مطلقة ووضع للنقاط فوق الحروف، عبر الملك عن تشاؤمه من الوضع الذي آلت اليه الإمور في المنطقة، إذ قال الملك» ربما تكون هذه هي المرة الأولى التي أكون فيها متشائما بعض الشيء، وكما نعلم جميعاً، فإن القضية الجوهرية في المنطقة هي القضية الإسرائيلية الفلسطينية – وكما قلت أنتَ – هي مستمرة منذ عدة عقود وكان هناك الكثير من المعاناة والإحباط ومن الممكن أن تزداد الأوضاع سوءاً إذا لم نحل هذه المشكلة.
وكما قلت أنت، فجميعنا في المجتمع الدولي محبطون، ويجب هنا فهم ترابط الأمور، فجميعنا في المجتمع الدولي ندفع ثمن عدم حل هذه القضية».
هذا الشعور استمده جلالة الملك من رأي الشارع العربي الذي راهن على السلام في المنطقة ولكن الى الآن من دون جدوى ،وقد بين جلالته ان «اجتماع القمة العربية سيعقد في نهاية آذار القادم في ليبيا، وهذا سيفتح المجال أمام الناس للتعبير عن آرائهم بأنهم غير مقتنعين بأنه سيكون هناك تقدم إلى الأمام، حالياً لدينا حل ال 57 دولة، وهي مبادرة السلام العربية - الإسلامية لإسرائيل، كان هناك محاولات في السابق من بعض الدول لسحب المبادرة، الناس محبطون وغير مقتنعين. أعتقد أن مصداقية الولايات المتحدة على المحك الآن، لذا علينا فعلا أن نحرز تقدما في العملية السلمية خلال شهر أو أكثر، خصوصاً وأننا نقترب من مؤتمر القمة العربية، ولا نريد أن يكون هناك عدم وضوح».
وعلى الجانب الآخر حذر جلالته قوى التطرف من محاولة استهداف المملكة كما حدث في الأربعاء الأسود ،في التاسع من تشرين الثاني من العام 2005 عندما استهدفت قوى الظلام «المدنيين» ،حيث شدد جلالة الملك /برأي المحللين/ على ان الرسالة الاكثر وضوحا واهمية التي اراد جلالة الملك ارسالها الى كل من يعنيهم الامر وبخاصة المجموعات الارهابية التي يواجهها العالمان العربي والاسلامي ما يستدعي وقفة شجاعة وجادة وحازمة ازاء هؤلاء الاشرار الذين يحاولون تشويه الصورة الحقيقية للدين الاسلامي الحنيف وقيمه السمحة.
وحتى تكون الصورة واضحة والمواقف غير قابلة للتأويل او الفهم الخاطئ فان جلالته قال في يقين وحسم: اذا شعرنا ان هناك من يستهدف الاردن فاننا سنستهدفهم. وكانت الرسالة الملكية في ابهى درجاتها وضوحا: اذا ما حاولتم ايذاء المواطنين في بلدي .. فلنا الحق كل الحق في حماية «انفسنا» ،وأكد أنه «إذا شعرنا أن هناك من يستهدف الأردن فإننا سنستهدفهم.
جلالته أكد وضوح رسالته بقوله « طالما تحاولون إيذاء المواطنين في بلدي، فلنا الحق في حماية أنفسنا»، وأشار جلالته إلى الجهود التي يقوم بها الأردن لإظهار الصورة الحقة للدين الإسلامي الحنيف، ومواجهة من يريدون اختطاف الإسلام وقيمه السمحة.
جلالة الملك اعتبر ان «المعتدلين في العالم العربي والإسلامي يدينون هذه الهجمات التي تنفذها الجماعات المتطرفة ، ولا يدينونها بكلمات فقط بل بالأفعال، فهناك «رسالة عمان» التي تشكل مبادرة للتواصل بين الأديان، ولدينا «كلمة سواء» وهي مبادرة انطلقت من الأردن للتقريب بين المجتمعات المسلمة والمسيحية، ونحن نعمل باستمرار في منطقتنا، وفي آسيا، وفي الغرب، ونركز على التعليم بخصوص هذا الموضوع، ولكنني أؤكد مرة أخرى هنا: إلى أين يتجه الشباب المحرومون؟
ما أعنيه أن القضية الفلسطينية الإسرائيلية هي قضية عاطفية لدى المسلمين وهناك من يحاول اختطافها لأهداف تدميرية، ومن هنا تبرز ضرورة حل هذه القضية لنا جميعا، وبغير ذلك سنظل نعيش في ظل الإرهاب، والإرهاب كما تعرف ليس أمرا يتعامل معه الإسرائيليون، فالعرب والمسلمون والغرب يتعاملون معه، كل ذلك بسبب القضية المحورية في الشرق الأوسط وهي القضية الفلسطينية الإسرائيلية.
ولدى سؤاله عن طبيعة الموقف من إيران وكيفية التعامل الدولي مع طهران ، رأى جلالته ان «ايران التي لديها صعوبات داخلية في هذه المرحلة، تعتبر إيران دولة مهمة في منطقتنا، وهي دولة ذات تاريخ عريق، ولها دور مهم، لكنني دائما قلق من الآراء التي تدفع باتجاه القول إن الحل الوحيد للمشكلة مع إيران هو الحل العسكري، آمل بأن يكون هناك حل سلمي لصراعات بعض الدول مع إيران،وبرأيي، فإن أكثرية الشعب الإيراني تود حلا سلميا لهذه القضايا».
وفيما يتعلق بالشأن العراقي قال جلالة الملك « ان العراق يواجه تحديات كبيرة، ومرة أخرى فإن استقرار العراق مهم جداً لنا جميعا، وأعتقد أننا كدول عربية قد قصرنا بحق العراقيين، يجب أن نفعل أكثر للتواصل معهم ودعم العراقيين، وهو شيء لم نقم به بالفعل».
ووصف الملك الوضع في العراق بأنه «يسير بتقدم بطيء، فالعراقيون يواجهون تحديات عديدة، وآمل أن تسهم الانتخابات المقبلة بتحقيق المزيد من الاستقرار للعراق، في النهاية يؤمن العراقيون بدولتهم وبأنفسهم ويريدون أن يحققوا التقدم، وأنا مؤمن بقوة العراقيين وعزيمتهم وبقدرتهم على إحراز هذا التقدم، هم بحاجة إلى مساعدتنا، وسينجح العراق».
وفيما يتعلق بمسيرة الإصلاح الشاملة التي ينتهجها الأردن ،عبر جلالة الملك عن اعتقاده « أن الإصلاح ليس أمرا يجب أن ينتظر حتى يتم حل القضية الفلسطينية الإسرائيلية، الأردن على سبيل المثال بدأ في الإصلاح، وأعتقد أن الجميع في الشرق الأوسط لديه وتيرته الخاصة في الإصلاح، ولن أدخل في تفاصيل كيفية تعامل كل دولة مع الموضوع، فالجميع لديهم تحديات مختلفة، لدينا أكبر عدد من الشباب في التاريخ، لدينا 200 مليون شاب وشابة بحاجة إلى فرص عمل خلال السنوات المقبلة، وإذا لم نوفر مستقبلا إيجابيا بحيث يكون لهم دور ورأي في مستقبلهم، سيكون لدينا مشكلة رئيسة بالتأكيد، أعتقد أن القضايا متصلة، لكن فيما يخص الموضوع السياسي العاطفي، علينا ألا نقلل من أهمية الموضوع الفلسطيني الإسرائيلي، وهناك مسؤولية أخلاقية علينا جميعاً في العالم العربي لدفع الإصلاح بالاتجاه الصحيح».
وبين جلالته :»ان الأردن يجري تغييرات وسيستمر في ذلك، نحن دعونا لانتخابات مبكرة حتى يكون لدينا قانون انتخاب جديد فيه شفافية ومشاركة أكبر وبرلمان أفضل، كما أعتقد أنه حيثما يرتبط موضوع الديمقراطية بصناديق الاقتراع، فقد رأينا فعلياً عدة حالات في الشرق الأوسط سارت فيها الأمور بالاتجاه المعاكس، علينا أن ندفع باتجاه تحقيق المزيد، القضية في النهاية هي حول التعليم والتمكين وإعطاء دور أكبر للمجتمع، نحن شرعنا في برنامج رئيسي أعتقد أنه سيمنح الأردنيين القدرة على التقدم بالعملية الديمقراطية في الاتجاه الصحيح، وهو برنامج اللامركزية».
الرأي