كثيرٌ منا متابع بقوة للمشهد العام الذي يشهد تغيرات بسرعة غير مسبوقة في ظل التطورات التي تنشأ يوماً بعد يوم.
كما أن هناك دائماً همسات في الصالونات السياسية عن فحوى التغيرات التي تظهر فجأة على تصريحات أي مسؤول يغادر موقعه سواء أكان مجبر على ذلك او برغبة منه.
فمن منا لم يلحظ أن أغلب المسؤولين في بلدنا عندما يكونون في موقع عملهم بعيدين كل البعد عن هموم الشعب ومعناته، وهمهم الأول والأخير الظهور الإعلامي المفرغ من الأحاديث الجادة التي تلامس مطالب الشعب المغلوب على أمره الذي بات الحلقة الأضعف وقوت يومه لقمة سائغة في ايدي من يتطاولون عليه بأيدي خفية.
لكن ليست هنا المفاجأة، بل حين يصبح هذا المسؤول خارج اطار وظيفته التي كان يحاول من خلالها تغليب مصلحته الشخصية على المصلحة العامة دون أدنى مسؤولية، اذ يتحول الى انسان متمرّد واصلا ليله بنهاره ليطلع الشعب على مفاجآت كانت في مكان عمله وأسرار خفية ملغومة بتصريحات لم تكن بالحسبان عن واقع متردي وتشوبه الشوائب، وهنا يصبح الشعب في حيرة من أمره متسائلاً عن حقيقة هذه الأحاديث التي لم تظهر على لسان هذا المسؤول او ذاك الا بعد أن سلّم الراية ورحل عن وظيفته.
لا أحد ينكر بأن الأخطاء موجودة وأن واقعنا السياسي والإجتماعي والإقتصادي يأنّ من ملفات مهمة ومفصلية مركونة على رفوف الأدراج بل مقفل عليها خوفا من ان تظهر للعلن، ولكن سرعان ما تهاجم الشجاعة مواقف المسؤول التارك لوظيفته ليشنّ حرباً على كل صغيرة وكبيرة تتعلق بمجال الوظيفة التي حمل أمانتها سواء أكان يدعي ذلك او انه صحيح .
التساؤلات تصبح سيدة الموقف والمسؤولين للأسف بحكم الفجوة التي اختلوقها مع اغلب فئات شعبهم بات الكثير منهم لا يهمهم ما يحدث سواء أكان حقاً ام باطلاً، فهم غير قادرين على الخروج من المآزق التي يعيشونها ليتفرغوا لصراعات بين تصريحات مسؤولين على رأس عملهم ومن غادروا.
وقائع كثيرة آلمت الاردنيين مؤخرا من حادثة مستشفى السلط التي لم ينتهي التحقيق فيها بعد والتي راح ضحيتها أبرياء الى تحذيرات من انهيار سد الوالة، ومن ثم حقيقة المواد المسرطنة في الأغذية التي تجتاح الأسواق، حتى بدأ يترسخ في الأذهان لدى الكثيرين أن تلك المفاجآت مخطط لها ليكسب المسؤول المغادر تعاطف شعبه لكنه يفشل في ذلك أيضا فلا خطأ يعالج بخطأ أكبر منه!.
وفي النهاية، لا نعلم اذا كان تقلّب الشخصية لدى المسؤول حين يكون ممارس لعمله وبعد أن يغادر له تفسير منطقي أو عقلاني، لكن ما يؤكده واقعنا أننا لن نخرج من عنق الزجاجة الا وندخل في زجاجة أخرى، فالدهاليس محبوكة بحرفية، والمخفي أعظم، هذا ما ينطق به لسان كل غيور على وطنه ويأمل بإصلاح حقيقي من الجذور، ويبقى الوقت هو من يحكم القادم ولعلّ في لحظة غير معهودة ننجح في الوصول لواقع مثالي خالٍ من كل هذه المسرحيات التي تنال من قوتنا وتضعف قدرتنا على التطور والازدهار والنهوض نحو واقع أفضل بتماسكنا وجديتنا في التعاطي مع كل ما يهم الوطن والمواطن والباقي تفاصيل يسهل التعامل معها فقط حين نسيطر على مكامن الخلل من رأسها وليس من نهايتها.