في كل مرةٍ أجد نفسي زائراً ومتجولا في مناطقنا السياحية المتنوعة الطبيعة والجغرافيا والتاريخ، ينتابني نوع من الحيرة والشعور بأن ثمة أمورا ينبغي توفيرها أو تواجدها وهي بالتأكيد غير مكلفة، لكنها تكفل للزائر كثيراً من الراحة والترفيه بدون منغصات والاستمتاع بدون الغوص في تفاصيل وشؤون مزعجة.
حين أزور بلاداً تشتهر بالسياحة، نلاحظ أول شيء أن هناك نقاطا بعينها يتم التركيز عليها كنقاط جذب سياحي، وتكون الرحلات الداخلية عبر الحافلات أو باستئجار المركبات تتوجه إلى تلك المناطق المخدومة والمجهزة بوسائل الترفيه المناسبة لجميع الأعمار والمستويات، وصولا إلى توفير المغامرات والإثارة والتشويق عبر رحلات السفاري أو ركوب عربات خاصة أو التلفريك أو غيرها من وسائل الترفيه المتعارف عليها عالميا.
ويستطيع الزائر أن يحدد قبل سفره العديد من الأماكن السياحية وحفظ مواقعها عبر الروابط، بل والحجز المسبق مع جهات أو شركات في البلد المنوي السفر إليه، كما يستطيع معرفة الكلف المترتبة على الجولات وما تشتمل إليه، لا بل يستطيع معرفة المسافات والأوقات التي تتطلبها تلك الزيارات، وما هي أنسب الطرق للوصول إليها وأبرز الأنشطة أو المواقع التي يمكن زيارتها في تلك المنطقة.
وأيضا يلاحظ الزائر أن البنية التحتية وخاصة الطرقات مجهزة بشكل جيد وآمنة ومحددة المعالم والاتجاهات، حتى أن بإمكان أي إنسان إعداد برنامج كامل للزيارة دون الحاجة إلى التواصل الجسدي والمادي مع أيا كان في الدولة المسافر إليها، فالتطبيقات أوجدت الحلول لكافة الرغبات والخيارات، ابتداء من حجز الطيران، وحجز الفنادق، وحجز الرحلات الداخلية، واستئجار السيارات، وحتى حجز الوجبات وأنواع الطعام، دون الحاجة مطلقا للتعامل المباشر مع أي إنسان.
كما أن ثمة تفاصيل وشؤونا صغيرة لكنها ضرورية جدا للسائح أو الزائر، وأبسطها أن يكون هناك مجال لوقوف السيارات، فقد سافرت بين دولتين، وركنت السيارة المستأجرة على الحدود وعبرت إلى الدولة الأخرى وتجولت فيها حتى منتصف الليل، ثم عدت للدولة الأولى وركبت السيارة التي كنت قد ركنتها مطمئنا قبل اجتياز الحدود.
ومن التفاصيل توافر المرافق العامة وخاصة الحمامات النظيفة والتي يمكن استخدامها براحة ويسر، فنحن في الأردن وبكل أسف نخشى الدخول لأي مرفق عام خشية مما سنجده داخلها من عدم نظافة أو عدم اهتمام أو عدم استخدام بشكل حضاري لتلك المرافق.
زرت عن طريق جلعد الواجهة الخلفية لسد الملك طلال، الطريق مسرب واحد ومنحدر وينتهي عند مشارف السد دون توافر أية خدمات ، لا مساحات كافية لوقوف المركبات، لا مقاعد للجلوس، لا حمامات، لا شيء بالمطلق عدا عن المشهد الجميل للمنطقة المحيطة بالسد.
وأعتقد أن ضيوفنا من الأهل من دول الخليج الذين توافدوا إلى مناطق شمال الأردن، واشهروا بشكل مثير للفخر منطقة أم النمل لتصبح على خارطة العالم السياحية بين عشية وضحاها. لكن عند التفاصيل فثمة الكثير مما لا يقال.
إنني أوجه بكل حب هذه الملاحظات إلى المعنيين بالسياحة الداخلية والخارجية، الاعتناء بالتفاصيل والشؤون الصغيرة التي هي في حقيقتها تصبح بمثابة كوارث وتعمل على إثارة التوتر وعدم الراحة للزائرين.