زاد الاردن الاخباري -
أثارت تصريحات، سعادة الشامي، نائب رئيس الحكومة اللبنانية، رئيس وفد التفاوض مع صندوق النقد الدولي، حول "افلاس الدولة اللبنانية والمصرف المركزي" الكثير من علامات الاستفهام على مواقع التواصل الاجتماعي
حديث الشامي جاء خلال مقابلة تلفزيونية ردا على سؤال حول توزيع خسائر الدولة اللبنانية، حيث قال إنه "سيجري توزيع الخسائر على الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين، لا توجد نسبة مئوية محددة، مصرف لبنان والمصارف قطاع عام إمكانياتهما ضئيلة، للأسف الدولة مفلسة، وكذلك مصرف لبنان".
وأضاف أن "لدينا مشاكل نريد أن نخرج بنتيجة، نحاول قدر المستطاع التخفيف عن المودعين، الخسارة وقعت ليس من مسؤوليتي قول ذلك، وسببها سياسات على مدى عقود أوصلتنا إلى هنا، علينا معالجة الوضع بتقليل الخسائر، وإذا لم نفعل شيئا ستكون الخسارة أكبر بكثير".
بعد البلبة التي أثارتها هذه التصريحات، سارع الشامي إلى تقديم توضيح، مؤكدا أن "كلامه تم اجتزاؤه" والفيديو الذي انتشر هو قسم من رده عن سؤال حول إسهام الدولة ومصرف لبنان، في معالجة الخسائر في القطاع المصرفي، حيث كان جوابه أن "الدولة ومصرف لبنان لا يستطيعان المساعدة بشكل كبير، لعدم توافر إمكانات في السيولة حتى يسهمان في ردم الخسائر".
وأشار في حديث تلفزيوني الى أن كلمة "إفلاس" أتت في هذا الاطار، لافتا إلى أن "الناس مجمعون على أن التفاوض مع صندوق النقد هو طريق للحل وليس الحل بحد ذاته، ونحن نعمل من أجل التوصل لاتفاق مع صندوق النقد حول برنامج للتعافي الاقتصادي والمالي يستطيع أن ينقذ البلد من الأزمة الراهنة، كاشفاَ أن هناك احتمالا للتوصل لاتفاق بآخر هذه الجولة".
مجلس النواب اللبناني يبحث مشروع القانون الثلاثاء
يتعامل مصرف لبنان مع أزمة اقتصادية خطيرة تهدد مستقبل لبنان
وقال رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، من جهته، إن تصريحات نائبه الشامي عن إفلاس لبنان والمصرف المركزي "كان مقصودا بها السيولة وليست الملاءة" مضيفا أن" تصريح الشامي نُشر على نحو مجتزأ".
كلام لا يعكس الواقع
ويشهد لبنان منذ صيف 2019 انهيارا اقتصاديا متسارعا، حيث فقدت "العملة المحلية حوالي 82 في المئة من قوتها الشرائية مقابل الدولار، ما بين عامي 2019 و2021" بحسب ما أعلنته لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا "الإسكوا"، لكن الكلام عن افلاس البلد والمصرف المركزي لا يعكس الواقع بحسب ما أكده الخبير الاقتصادي البروفيسور، جاسم عجاقة، الذي جزم أن الدولة لا تفلس شارحا لموقع "الحرة" أن "هناك نظرتين للموضوع، الأولى نظرة الأسواق المالية والثانية النظرة الاقتصادية".
فيما يتعلق بنظرة الأسواق المالية يجب أن يتوفر واحد من ثلاثة عوامل كي تعتبر الدولة مفلسة وهي "أن يصبح حجم أصولها أقل بكثير من حجم ديونها، ثانيا عندما تتوقف إراديا عن دفع ديونها، وهي حالة لبنان عندما امتنع عن دفع سندات اليوروبوند، وثالثا عندما تضطر الدولة إلى التوقف عن دفع سندات الخزينة".
لكن في اللغة الاقتصادية لا يمكن، وفق عجاقة، "لأي دولة أن تفلس كون لديها ضرائب سيادية لمدى الحياة لا تباع ولا تجيّر".
واعتبر عجاقة أن "إعلان إفلاس الدولة يعود إلى الحكومة مجتمعة وليس لشخص وإن كان رئيس الوفد المفاوض مع صندوق النقد" وأضاف "مشكلة لبنان تتعلق بالسيولة مع عدم توفر الدولارات في الأسواق، وللخروج من أزمته يحتاج إلى إتفاق مع صندوق النقد".
وكان حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، نفى ما يتم تداوله حول إفلاس المصرف المركزي موضحا في بيان أنه "بالرغم من الخسائر التي أصابت القطاع المالي في لبنان، والتي هي قيد المعالجة في خطة التعافي التي يتم اعدادها حاليا من قبل الحكومة اللبنانية بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، لا زال مصرف لبنان يمارس دوره الموكل اليه بموجب المادة 70 من قانون النقد والتسليف وسوف يستمر بذلك."
سبق أن وصف البنك الدولي أزمة لبنان بأنها "الأكثر حدة وقساوة في العالم"، مصنفا إياها ضمن أصعب ثلاث أزمات سجلت في التاريخ منذ أواسط القرن التاسع عشر، حيث تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية لمستويات غير مسبوقة، في وقت يعجز فيه اللبنانيون عن سحب أموالهم من المصارف بسبب قيود ناتجة عن شح السيولة.
يعاني اللبنانيون من موجة ارتفاع في الأسعار في ظل أزمة اقتصادية ونقص السيولة
وفي الأمس أشار مدير دائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي، ساروج كومار جاه، في كلمته خلال الاجتماع الرابع لـ"إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار 3RF لتعافي لبنان الاقتصادي" الذي ترأسه رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، بتنسيق مشترك بين الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي "إلى ضرورة تحقيق الاستقرار على مستوى الاقتصاد الكلي".
وقال "لقد شهد لبنان العديد من الأزمات ولكن هذه الأزمة هي الأسوأ، لا بل أن أزمة لبنان هي من ضمن ثلاث اسوأ ازمات في العالم. والوضع الاقتصادي مريع، لقد بلغ حجم الانكماش الاقتصادي نحو 60 بالمئة لغاية عام 2021".
وأشار إلى انه "متفائل ببرنامج الإصلاحات الوطنية التي يقودها الرئيس ميقاتي، ولكن إذا لم يصل هذا البرنامج بشكل جيد فسيشكل ذلك انكماشا أكبر للاقتصاد وسيؤدي إلى تأزم أكبر في الظروف الاقتصادية والاجتماعية".
ورأى كومار جاه "أن هناك حاجة إلى خطة إصلاحات تتضمن برنامجاً مالياً وتسديد الدين، إعادة هيكلة القطاع المالي والمصرفي وتطوير نظم الحماية الاجتماعية".
"تعثر" وليس إفلاسا
ما يعاني منه لبنان بحسب الخبير الاقتصادي، لويس حبيقة، "تعثّرا" وليس إفلاسا، مؤكدا أن الشامي "ليس الجهة المخولة باصدار هكذا تصريحات، فالأمر يحتاج إلى بيان من مجلس الوزراء" متمنياً أن يكون ما صدر عنه خطأ كلامياً لا أهداف خلفية له.
وتساءل حبيقة في حديث لموقع "الحرة" " حول الذنب الذي ارتكبه المودعون كي يقرر الشامي معاقبتهم بتحميلهم جزء من خسائر الدولة"؟! وشرح بأن "هناك فرقا بين المفلس ومن ليس لديه سيولة لتسديد الديون، الدولة اللبنانية لا تمتلك سيولة لكنها ليست مفلسة بل على العكس غنية جداً لديها أراض شاسعة، يمكنها بيع جزء منها لتسديد خسائرها كما يمكن لمصرف لبنان بيع ما لديه من عقارات وأملاك".
وشدد حبيقة على أن "هناك إفلاس بالأفكار من قبل الدولة اللبنانية، فبدلاً من أن تكون أفكارها خلاقة لمصلحة المواطن تعمل على تيئيسه لمصالح جانبية".
من جانبه اعتبر رئيس جمعية المودعين، حسن مغنية، أن "الحديث الذي قاله الشامي هو الصحيح، والأصح أن بلدنا منهوب وليس مفلسا، وكان على الشامي تكملة ما قاله بالاشارة إلى من أفلس البلد وأين هي الأموال".
وقال: "بأي ذنب يحمّل المودعون خسائر الدولة، نعم هناك أشخاص جمعوا ثروات من عمليات مشبوهة، نصب واحتيال وسرقة وفساد، أغلبيتهم سياسيين وموظفي دولة من الفئات الأولى والثانية والثالثة، وضعوها في المصارف تحت مسمى مودعين، هؤلاء يجب أن يتحملوا الخسائر وأن يسألوا من اي لكم هذا، لكن المودعين الذي جنوا ودائعهم بتعبهم إن كان في الاغتراب أو بالأعمال الشريفة لماذا تطالهم الخسائر"؟!
وطالب مغنية "الدولة اللبنانية ومصرف لبنان والمصارف بتقاسم الخسائر" لافتاً إلى أن "المصارف حققت خلال العشرين سنة الماضية أرباحاً وصلت إلى 25 مليار دولار" مشدداً "لا كابيتال كونترول من دون اعادة الاموال التي تم تحويلها بعد ثورة 17 تشرين إلى الخارج" وقال "لدينا مليون و420 ألف مودع أمام استحقاق مفصلي ألا وهو الانتخابات النيابية، وإلى حد الآن الشعب اللبناني هو الذي يُذبح، اذا أعاد انتاج سلطة سرقته عندها عليه تحمل نتيجة تصويته".