يبث على اذاعات محلية اعلان لشركة متخصصة في حفر الابار في دول شرق اسيا وافريقيا .
و يتضمن الاعلان التسويق لاعمال الخير والصدقة الجارية في دول اسيا وافريقيا . وفي صوت مو?من عذب و رخيم يحرض الاعلان اهل الخير على القيام
بالتبرع المالي لاقامة وحفر ابار في دول اسيوية وافريقية . ويدعو الى صدقة دائمة وفعل خير غير منقطع ، وينشر في الاعلان عنوان الشركة و
رقم هاتفها وبريدها الاكتروني .
اول مرة سمعت الاعلان كنت اظن انه يستهدف الاردن ، والدعوة المفعمة في فعل الخير موجهة الى فاعلي الخير في الاردن ليقدموا العون والمساعدة والاغاثة لفقراء ومحتاجي ومهمشي بلادنا .
صراحة كررت سماع الاعلان ، ولاكتشف ان النتيجة عكسية وقد خاب ظني وتقديري ، فالاعلان يقول لاهل الخير في الاردن تبرعوا لحفر ابار وفعل الخير والصدقة الدائمة في بلاد اجنبية .
لحد ما بتقديري ان من فكر وصمم الاعلان ووجه هكذا اعلانات اردنيا ، فاما عابث او هاو او انه لحد ما لم يفكر ويعرف الراهن الاردني ، وعيش وحياة الاردنيين ، والضيق والقسوة الاقتصادية والمعيشية ، وازمة العطش الخانقة .
يمكن ان الاعلان قد يصلح لدول ومجتمعات نفطية ثرية . وفي متابعتي للفيسبوك عثرت على فاعلي خير اردنيين قدموا اموالا للشركة ، وقاموا بحفر ابار في غانا واندونسيا وبنغلادش ، وجزاهم الله كل خير .
و احد المتبرعين واعرفه حق معرفة ، نشر على الفيسبوك صورا لبئر ماء حفر في بنغلادش عن روح والدته ، نعم فاعل الخير يقطن في عمان . ولكن اقاربه واهله وابناء عمومته في اقصى هوامش الاردن ، ويسكنون في افقر مناطق المملكة ، وهم اشد حاجة لحفر بئر المياه ، وترميم المدرسة الايلة للسقوط وتركيب شبابيك للمركز الصحي ، ولكسوة اولادهم في فصلي الشتاء والصيف .
بصراحة الاعلان مستفز ، والاعلان يخال لك انه يبث عبر اثير اذاعات دولة ثرية وشعبها مترف ويعيش في بذخ .. وما لا يقبل الفهم والاستيعاب ان فاعلي الخير لماذا لا يكرمون على مجتمعهم واهلهم وبلدهم ؟ نتبرع لحفر بئر ماء في اقصى الكرة الارضية ، وذلك لمصلحة من ؟
فتبرعك المالي لحفر بئر في بلاد اجنبية يحل ازمة عائلة فقيرة ، وحي فقير ، ومنطقة هامشية ، ويزرع الامل والحب في وجد طالب جامعة تعثر في دفع اقساطه ، وطالب مدرسة والديه عجزا عن شراء كتبه المدرسية وقرطاسيته ، ومريض يرقد على سرير الحياة عاجز عن شراء ادوية وتوفير فاتورة علاج في مستشفى ما .
مسالك الخير في بلادنا كثيرة .. وفي رمضان اين يختفي فاعلو الخير ؟ ومن يتاقطرون على التبرع وفعل الخير في بلاد العجم .. ومن لا يتذكرون ان قريبه وجاره البعيد ان جاع او مرض او عجز عن اتمام شيء في حياته ، فان الدين والاخلاق والحس والشعور الوطني يقولوا انه يتحمل المسؤولية والذنب والخطيئة .
الدعاء القريب افضل من البعيد .. والعطاء والكرم والصدقة الجارية محلها بين الاهل والمجتمع والوطن .. وكم منطقة فقيرة في الاردن تحتاج الى مدرسة ومركز صحي وماء وطريق وكهرباء ، ويحتاج اهلها الى كسوة ومواد غذائية وعون انساني ..
و لا اعرف ان كان احد من مسو?ولي الاردن قد سمع الاعلان ، ويا خوفي يكونوا قد انجروا وراء الاعلان وتبرعوا لاعمال خير وصدقة جارية في بلاد «الواط واط «.