" الخروج على الحاكم وعدم الإقرار له بالحكم "
قال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء : 59] .
تشير هذه الآية ، التي أثارت نقطة الجدل والاختلاف في “أولي الأمر” الذين أمرنا الله بطاعتهم ؟. فذهب جماهير أهل العلم إلى أنّها في الحكام والخلفاء والأمراء كل حسب مسماه . فقد أوصى الإسلام بالطاعة للاحكام والأمراء لما في طاعتهم مصلحة البلاد والعباد .
بعد دراسة معمّقة في هذا الموضوع كان الإستنتاج هو تركيز السلف على أهميّة وجود الحاكم أو السلطان في حياة الناس، لأنّه ” لولا السلطان لكان الناس فوضى ، ولأكل بعضهم بعضًا”، كما يقول ابن تيمية ، ومن هذا المنطلق فهو يعتبر أنّ الإمامة من أعظم واجبات الدين .
وهذا مدخل مهم لكي نفهم منه أن الإسلام يُطالب الأمة بالسمع والطاعة للحاكم في المعروف وينهى عن الخروج عليه طالما لم يرتكب الكفر البواح ولم يخرج عن نظام الإسلام . إذ تكوين النظام يجعل الأمة صاحبة قوة وعندها القدرة على الاحتجاج والاعتصام وإبداء الرأي . بينما القيمة الأساسية في فكر الدولة الحديثة هي "الحقوق والحريات"، وهذا دارج في دستور الدولة الأردنية .
فهذا يدل على أنه لا يجوز لهم منازعة ولاة الأمور ، ولا الخروج عليهم إلا أن يروا كفرًا بواحًا عندهم من الله فيه برهان ؛ وما ذاك إلا لأن الخروج على ولاة الأمور يسبب فسادًا كبيرًا وشرًا عظيمًا، فيختل به الأمن ، وتضيع الحقوق ، ولا يتيسر ردع الظالم، ولا نصر المظلوم، وتختل السبل ولا تأمن .
واليوم بعد 100 عام من تأسيس الدولة، يواصل جلالة الملك عبدالله الثاني مسيرة المؤسس ، وهو يقود بلاده نحو مئوية جديدة ، متسلحا بدعم شعبي ودولي ، والتفاف أردني خلف قيادته ، ليكمل مسيرة البناء والتطوير .
دعم شعبي ودولي ظهر بشكل جلي ، خلال أحداث الفتنة التي شهدتها الأردن خلال الأيام الماضية ، وعبر فيها الأردنيون ومعهم العالم عن دعم وتأييد إجراءات الأردن لحفظ أمنه واستقراره.
ومنذ تولي جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين العرش ، وهو يسير ملتزما ، في تعزيز دور الأردن الإيجابي والمعتدل في العالم العربي ، ويعمل جاهدا لإيجاد الحل العادل والدائم والشامل للصراع العربي الإسرائيلي . ويسعى جلالته نحو مزيد من مأسسة الديمقراطية والتعددية السياسية ، والتوجه نحو تحقيق الاستدامة في النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية بهدف الوصول إلى نوعية حياة أفضل لجميع الأردنيين . وقد عمل جلالة الملك منذ توليه مقاليد الحكم على تعزيز علاقات الأردن الخارجية ، وتقوية دور المملكة المحوري في العمل من أجل السلام والاستقرار الإقليمي . وقد انضم الأردن في عهد جلالته ، إلى منظمة التجارة العالمية ، وتم توقيع اتفاقيات تجارة حرة مع ست عشرة دولة عربية، وتوقيع اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية ، واتفاقية الشراكة بين الأردن والاتحاد الأوروبي ، مما أرسى أساسا صلبا لإدماج الأردن في الاقتصاد العالمي .
وشارك جلالة الملك عبد الله الثاني بصورة شخصية ناشطة في إرساء قواعد الإصلاح الإداري الوطني ، وترسيخ الشفافية والمساءلة في العمل العام . وقد عمل دون كلل على تقدم الحريات المدنية ، جاعلاً الأردن واحدا من أكثر البلدان تقدمية في الشرق الأوسط . كما عمل باهتمام على سن التشريعات الضرورية التي تؤمن للمرأة دورا كاملا غير منقوص في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في المملكة .
كما يحظى الأردن ، بقيادة الملك عبدالله الثاني ، بمكانة متميزة دوليا، نتيجة السياسات المعتدلة والرؤية الواقعية للملك إزاء القضايا الإقليمية والدولية ، إلى جانب جهوده لتحقيق السلام وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم .
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة / الأردن