شهر رمضان المبارك موسم سنوي لاعمال الخير .. ورمضان هذا العام تحديدا بحاجة لمضاعفة اعمال الخير نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الناس في الاردن والعالم العربي والاسلامي عموما جراء تداعيات جائحة كورونا ، وصولا لتداعيات الحرب في اوكرانيا والتي لا زالت آثارها تفاقم من ارتفاع الاسعار بكافة الاصناف وتزيد الخناق على رقاب الفقراء والمحتاجين في جميع دول العالم .
في الاردن تتجلى صور التكافل الاجتماعي بأبهى صوره في الشهر الفضيل وهو شهر الزكوات والصدقات واعمال الخير ،مع عودة « موائد الرحمن « في رمضان هذا العام والتي لطالما شكلت مظهرا رمضانيا اجتماعيا مهّما .
كثيرة هي الجهات التي تعنى بتوزيع الزكوات والصدقات على الفقراء والمساكين والمحتاجين من جهات رسمية تتمثل بصندوق الزكاة وصندوق المعونة الوطنية..وغير رسمية تتمثل في آلاف الجمعيات الخيرية المنتشرة في كافة محافظات المملكة، وفي لجان الزكاة في مختلف مساجد المملكة وفي ادارات المسؤولية المجتمعية في العديد من الشركات الكبرى والمتوسطة في الاردن ... وكل هذه الجهات وغيرها تجتهد في مثل هذا الشهر الفضيل بمضاعفة عمل الخير في شهر الخير الذي يتضاعف فيه الاجر والثواب .
هناك دعوات تطالب دائما في مثل هذه المناسبات بتوحيد الجهود بين الجهات المتبرعة بالخيرات بكافة صورها والتنسيق المشترك من اجل ان يعم الخير اكبر شريحة من المحتاجين خصوصا وان هناك من يتكرر حصوله على دعم من اكثر من جهة في حين لا يصل الخير الى عائلات مستورة خصوصا اؤلئك الذين لا يسألون الناس الحافا «.
ليس المهم التنسيق بين الجهات الحريصة على تقديم المساعدات في الشهر الفضيل مؤسسات كانت ام افرادا بل الاهم ان يعم الخير اكبر شريحة محتاجة وفي كافة ارجاء الوطن .. ومن هنا نتساءل دائما : هل هناك معلومات دقيقة عن « المحتاجين « لدى وزارة التنمية الاجتماعية مثلا ؟ هل هناك قوائم بالعائلات الفقيرة والمحتاجة ؟ ام ان لكل جهة قوائمها ؟
والسؤال الاكبر في هذا الشهر الفضيل : متى تطبّق الزكاة بصورة رسمية ؟ هذا الركن الذي فرضه الله على المسلمين كرمز من رموز التكافل الاجتماعي والذي لو طبق لما بقي فقير على وجه المعمورة حيث تقدر بعض الدراسات ان تطبيق الزكاة على المسلمين من افراد وشركات يمكن ان يوفر مبلغ (400) مليار دولار سنويا وهذا المبلغ لم تم تحصيله وتوزيعه بعدالة لكان اكبر استثمار في عمل الخير ولحّد كثيرا من اخطار الفقر والجوع وربما البطالة.
منظمات دولية دعت في ظل جائحة كورونا الى تطبيق ضريبة « الثراء « على اثرياء العالم من اجل مساعدة الفقراء الذين تضاعفت اعدادهم خلال تلك الجائحة وخصوصا في مناطق من العالم في مقدمتها القارة الافريقية التي زادت فيها اعداد الوفيات بسبب الجوع ونقص الطعام والمياه ..لكن ذلك لم يتحقق .. وها هي معدلات الجوع والفقر تتزايد في كثير من دول العالم سواء بسب تداعيات جائحة كورونا او بسبب غياب الامن الغذائي منذ اندلاع الحرب في اوكرانيا .
باختصار.. اقول ان «الاستثمار» في عمل الخير في هذا الشهر الفضيل هو استثمار رابح عند رب العباد حيث تتضاعف فيه الحسنات «والحسنة بعشرة امثالها والله يضاعف لمن يشاء» .. واستثمار ناجح عند العباد خصوصا في بلد نعتز فيه ولله الحمد باننا «كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له كامل الجسد بالحمى والسهر» .