مهدي مبارك عبد الله - كثيرة هي الاخطار المحدقة اليوم بحكومة نفتالي بينيت والتي تهدد بانهيارها وتفككها حيث لم تعد زيادة وتيرة العمليات الفدائية التي ينفذها المقاومون الفلسطينيون في الضفة والقدس والداخل المحتل ضد قوات جيش الاحتلال ومستوطنيه ردا على الجرائم المرتكبة بحق المواطنين وما تكبده من خسائر فادحة هي التهديد الوحيد المفترض
خبر استقالة عضو الكنيست الإسرائيلي عيديت سيلمان من حزب يمينا المتطرف الذي يتزعمه بينت من منصبها كرئيسة للائتلاف الحكومي ومن عضويته جاء ليصب الزيت على النار بعد 10 أشهر فقط من تشكيله
على اثر خلافات ايدولوجية بعدما سمح وزير الصحة هور فيتش إدخال مأكولات الخبز المخمر الـ حاميتس إلى المستشفيات الاسرائيلية خلال فترة عطلة عيد الفصح اليهودي وبما يتنافى مع الشريعة الدينية الإسرائيلية وهو ما اعتبرته عيديت اضرار كبير بالهوية اليهودية لإسرائيل وشعبها
زعيم الليكود ورئيس المعارضة بنيامين نتنياهو رحب كثيرا بإعلان عيديت استقالتها قائلا أهلا بك في البيت وفي المعسكر الوطني لقد اتخذتِ القرار الصحيح نرحب بعودتكِ لموطنك الأصلي في صفوف تيار اليمين كلنا نحييك وانني أدعو كل من تم انتخابه بأصوات المعسكر الوطني للانضمام إلى خطوة عيديت والعودة إلى بيتنا سيتم استقبالكم بكل الاحترام وبذراعين مفتوحين
عيديت عضو البرلمان الاسرائيلي هي ثاني من يرحل عن حزب اليمين بعد عميحاي شكلي حيث لم يبقى لحزب بينت في الكنيست سوى خمسة أعضاء فقط وحول الأسباب الحقيقية والجوهرية لاستقالتها انها تعرضت لضغوط هائلة من قبل قوى اليمين وبالذات الليكود وقد جرى الاتفاق بين زوجها صموئيلي وعضو الكنيست ورئيس كتلة الليكود ياريف ليفين على انسحابها من الائتلاف على ان تكون رقم عشرة على لائحة قائمة الليكود للانتخابات المقبلة إضافة الى منحها مقعد وزير الصحة في حال تشكيل نتنياهو الحكومة القادمة حيث تتولى حاليا رئاسة لجنة الصحة في الكنيست
رئيس الحكومة بينت لم يكن على دراية بقرار عيديت الاستقالة ورغبتها بالخروج من الائتلاف الحكومي وقد عرف بذلك من خلال ما نشرته وسائل الإعلام حيث شكلت استقالتها صفة قوية لحكومته الحالية ودقت المسمار الأخير في نعشها بخسرانها الأغلبية في الكنيست وبما يفقدها القدرة على تمرير قوانين أساسية في مقدمتها ميزانية الدولة المقبلة حيث أصبح لديها 60 مقعد بدل من 61 وهو ما سيعطل فرصتها بالنجاة ويؤشر على قرب نهاية مسارها وانهيارها ومن المحتمل جدا امام ذلك أن تسقط حكومة بينت ويتم الذهاب إلى انتخابات مبكرة فور انتهاء إجازة الكنسيت وقد تتخذ حكومته التي ولدت غير مستقرة خطوات غير متوقعة للحافظ على بقائها في ولايتها حتى اذار 2023
اعلان عيديت مغادرة الحكومة الائتلافية وقع كالصاعقة على رأس بينت الذي توالت عليه الضربات وخاصة بعد العمليات الاربع التي حدثت في الداخل الفلسطيني 48 النقب والخضيرة وتل أبيب الاولي في بني براك والثانية في شارع ديزنغوت واتهام حكومته بالضعف وعدم قدرتها على توفير الأمن لمواطني كيان الاحتلال
بنيامين نتنياهو رئيس المعارضة الإسرائيلية استغل الأوضاع السائدة واستثمر التطورات السياسية واقتنص هذه الفرصة الثمينة بالنسبة له ببذله جهود كبيرة لإسقاط حكومة بينت واقناع أعضاء كنسيت من الجناح اليميني في الائتلاف للانسحاب منه لإسقاط الحكومة خاصة بعدما أعلن رئيس القائمة المشتركة برئاسة ايمن عودة عدم نيتها دعم الائتلاف ثانية
يضاف الى ذلك محاولات نتنياهو المستمرة لإقناع الجمهور الإسرائيلي بإعادة انتخاب حزبه وإتاحة الفرصة امامه لتشكيل حكومة جديدة يمينية صرفه يستطيع من خلالها انقاذهم من سقطات حكومة بينت حيث يمكن القول وفقا للمعطيات على الارض وفي ظل عدم وجود منظومة للتوازنات تضمن الاستقرار النسبي للنظام السياسي الإسرائيلي مما سيعزز حظوظ نتنياهو بتشكيل حكومة جديدة في حال جرت انتخابات مبكر في وقت حرج وحساس تمر به اسرائيل
مساء يوم الأربعاء 6 ابريل 2022 شارك نتنياهو في المظاهرة الاحتجاجية الى جانب الألاف من أنصاره من قوى اليمين أمام مقر رئيس دولة الاحتلال في القسم الغربي من مدينة القدس وقاد تظاهرات في مدينة القدس المحتلة بصحبة أعضاء كنيست ومستوطنون متطرفون طالبوا بإسقاط حكومة بينت احتجاجاً ما يصفونه بتدهور الوضع الأمني وفشل الحكومة في التعامل مع موجة العمليات الأخيرة وقد هاجم حكومة ( بينت لابيد عانتس ) ووصفها بالضعف والهشاشة وعدم الرغبة في مواجهة أمريكا
في حال تفككت حكومة بينت التي باتت تقف على بنية هشة وجرى الذهاب إلى انتخابات مبكرة فإنها ستكون فرصة نتنياهو السانحة في المنافسة على تشكيل حكومة جديدة برئاسته رغم ما يعترضه من عقبات للفوز حيث لا يزال يعاني من بعض التهم التي تتعلق بالفساد المالي إضافة الى وجود يائير لابيد وزير الخارجية وزعيم حزب هناك مستقبل كمنافس قوي قد ينجح في حال كان هناك انتخابات مبكرة بعقده تحالفات مع اليمين الإسرائيلي
اذا عاد نتنياهو كما هو مرجح فأن حكومته ستستند إلى دعم الحركات الخلاصية وضمنها الحركة الكهانية بقيادة الإرهابي إيتمار بن غفير التي تطالب بتهويد الأقصى وطرد الفلسطينيين وهو ما سيعري أكثر هذه النظم الدينية ويفضح تواطأها الكامل مع الحكاك الصهاينة
حكومة بينيت تشكلت قبل عشرة شهور من مجموعة من المكونات والمركبات السياسية والحزبية المختلفة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً جمعها هدف واحد هو ابعاد نتنياهو عن رئاسة الوزراء وقد رأت النور بضوء اخضر أمريكي حين كانت واشنطن لا تريد نتنياهو رئيساً للوزراء بسبب الخلاف معه حول سياسات الاستيطان وضم غور الأردن فضلا عن مفاوضات العودة للاتفاق مع إيران حول برنامجها النووي
المرجح وفق هذا الواقع هو الذهاب الى حل الكنيست واجراء انتخابات جديدة خامسة في غضون ثلاث سنوات والعودة الى المأزق السياسي الشائك عام 2019 وحتى لو جرى التوافق على تشكيل حكومة جديدة بدون انتخابات من قوى اليمين مجتمعة فهي لن تحصل على 61 صوت وستبقى بحاجة الى موافقة القائمة العربية المشتركة التي أعلن قادتها بانهم لن يدعموا تشكيل مثل هذه الحكومة في المستقبل
يبدو ان إن استقالة عضو الكنيست عيديت سيلمان من الائتلاف الحكومي لن تكون الأخيرة وسيكون هناك المزيد من المفاجآت وفي الخفاء هنالك ضغوط مستمرة لاستقطاب عضو أخر من يمينا هو نير اورباخ للخروج من الائتلاف
حكومة بينيت القائمة توصف على مدى واسع بانها عرجاء وغير قادرة على اتخاذ قرارات استراتيجية في الجوانب السياسية على سبيل المثال العودة للمفاوضات السياسية مع السلطة الفلسطينية وغيرها من الملفات الأخرى وهي تتكىء بشكل كبير على دعم القائمة العربية الموحدة من الخارج بفارق صوت واحد لذلك ظلت دائماً غير مستقرة وعرضة للانهيار في أي لحظة
الحقيقة المؤكدة هنا ان نتنياهو لم يغادر حلبة المسرح السياسي بل كان يعمل ليل نهار من اجل هدم اركان هذه الحكومة والتي كان دوماً يصفها بأنها دمية في يد أمريكا وأنها فرطت بأمن دولة الاحتلال ورضخت لضغوط إيران وعجزت كليا أمام ما يصفه بإرهاب الفصائل الفلسطينية
أخيرا قبل عودة نتنياهو المحتملة يبغي عدم الانتظار طويلا حتى شهر أيلول القادم حيث اجتماع الأمم المتحدة وخلال ذلك إذا لم يسحب الرئيس عباس اعتراف الفلسطينيين واعتراف منظمة التحرير بإسرائيل ستكون منظمة التحرير قد خسرت نفسها وخسرت شعبها خسارة كاملة خاصة وأننا امام جيل جديد لم يعش فترة توقيع اتفاقية أوسلو المذلة ولم يرى من إسرائيل سوى الاحتلال والعنصرية والغدر والقهر والعدوان وسرقة الممتلكات وممارسة أبشع صور القمع والتنكيل وارتكاب مختلف الجرائم الإرهابية
على كيان الاحتلال الغاصب التفكير بجدية واهتمام في كل ما يجرى على ارض الواقع من تبدلات جديدة وموجعة في أساليب المقاومة والانتقام ومن المفيد في هذا الصدد ان نشير الى إن نتنياهو كان موجودا مكتبه القريب من شارع ديزنغوف في تل أبيب أثناء الهجوم الذي نفذه هناك الشاب الفلسطيني الشهيد رعد حازم مساء الخميس الماضي وأدى إلى مقتل 3 إسرائيليين حيث جرى احتجازه لمدة 4 ساعات في مكتبه حين كان منفذ العملية يتجول في تل أبيب وقد سمح له بالمغادرة منتصف الليل وتحت حراسة امنية مشددة
mahdimubarak@gmail.com