ظهرْتُ في الحلقة الثالثة من برنامج «سؤال جريء» الرشيق «النِّغِش» السريع، الذي تقدمه الإعلامية الصاعدة فرح سمحان على «جفرا نيوز» في رمضان.
سألتني فأجبتها بعفوية عن اقرب مهنة او وظيفة شغلتها إلى قلبي: هل هي المعلم، النائب، الوزير، السفير، ...
اجبتها أن الاقرب إلى قلبي هو مهمة -ولا اقول مهنة- المعلم، لأنني اعتبر التعليم رسالة لا وظيفة. ثم مهمة الكاتب، لأن المهمتين متصلتان بالناس.
وقالت أن البعض يرى إنني لم أنجح في وزارة الزراعة، وكان جوابي هو ان من حق الجميع أن يصلوا إلى الاستنتاجات التي تنطلق من زاوية النظر والموقع والمصلحة.
وكلمة «البعض» التي استخدمتها فرح، تعني من 3-9، واتفهم أن من انطلق من مصلحة خاصة له الحق بأن يحكم حسب ما تحقق أو ما لم يتحقق له. فلن يرضى عن أدائي من لم يحصل على رخصة استيراد موز وتمر وتفاح وأبقار حلوبة وحمضيات وغيرها من عشرات الرخص لعشرات الأصناف، وكان ذلك لأنني انتهجت سياسة حماية الإنتاج الزراعي الوطني، التي أعرف انها سياسة لا تحمي صاحبها !!
وسألت فرح: قالوا أنك بالغت في وصف معاناتك !!
إنني لأجد العذر للذين اعتقدوا أنني بالغت، أولئك لهم الاحترام.
وأقول اللهم لا حسد، فهم لم يكونوا مع شعبنا في الكسارات والمحاجر والحصيدة و»الرجاد» و»تشتات» الزيتون ورصف الطرق وصبات الباطون، فكيف لا يستفظعون ما اوردت من صور فصلتها في صفحة 8 من كتابي قائلا:
«... وما كان للتفاصيل التي ذكرتها هنا أن تخبو أو تهرم أو يدركها النسيان، فقد كانت وحشية وقاسية إلى درجة مفرطة، بحيث لا يمكن مقارفة نسيانها».
و في كل الأحوال، فإنني أجد فائدة كبيرة في تلقي الكثير من الآراء التي تتناول كتابي «من الكسارة إلى الوزارة». وإنني لأتفهم واستقبل أية آراء قاسية، فأنا كنت في غاية القسوة على كتابي، لدرجة أنني حذفت في جلسة واحدة، نحو 3000 كلمة تعادل اكثر من 12 صفحة، كنت قد تعبت في كتابتها ساعات طوالا.
وأحمد الله أن قسوتي الوحيدة، موجهة لي فقط، فهي ناجمة عن عدم الرضى على ادائي، معلما، نائبا، وزيرا سفيرا، الخ ....
وهي قسوة صوّبتني طويلا وكثيرا.