يواجه مواطنو عمان والمدن الأخرى في الساعات التي تسبق مدفع الإفطار أزمات مرورية في جهات مختلفة في عمان خصوصا تلك التي تقترب من الأسواق الشعبية والحارات الضيقة في المناطق المكتظة، وهناك شوارع بعينها تضيق بالكم الهائل من السيارات والمارة؛ ما يجعل التفكير بحلول جذرية غير الباص السريع الذي خلف جدلية للمناقشة حول الفائدة المرجوة منه بعد أجيال من المشاكل تشكلت أثناء بناء الطريق الخاص بالباص السريع، الذي كانت تكلفته باهظة ودفع النسبة الأعلى من فاتورتها المواطن، ليس بما تطلبته من أموال طائلة، ولكن بسبب الصبر والجهد والمثابرة في التعامل مع الاختناقات المرورية التي رافقت بناء الخط، وبسبب عمليات الحفر والتجريف التي أثرت على البنى التحتية للطرق المحاذية له، وهنا لا بد من الإشارة إلى الاختناقات المرورية الجانبية خاصة في شهر رمضان الفضيل والتي أفضت إلى المزيد من تراكمات من المشاكل الناجمة عنها، إذ أن هناك الكثير من المواطنين الذين يخرجون لاستطلاع ما يحدث أو يتمتعون بالحركة وسط هذه الاختناقات انتظارا للإفطار، فيسهمون في إعاقة وصول المرضى للعيادات والمستشفيات من الحالات الطارئة ومن ذوي الحاجات الخاصة والأمراض المستعصية، إضافة لمن يعبثون بأرواح الناس بسبب غوغائية مفرطة تؤدي إلى مزيد من الحوادث، وكذلك ثقل وضيق وعدم تحلي البعض بأخلاق الشهر الفضيل وما يتبع ذلك من مشكلات تتناثر هنا وهناك تؤثر على المزاج العام للشارع، إذ تزداد نسب المصابين بالاكتئاب والأمراض العصبية، عدا عن الأمراض المرتبطة بالتلوث البيئي بسبب عوادم السيارات، كالصداع وتسمم الدم وأمراض السرطان والتهاب القصبات الهوائية.
ولعل ما يزيد الطين بلة ويجعل الأزمات والاختناقات المرورية في غاية الصعوبة هو قلة الأماكن التي تعتبر متنفسا للناس في الأوقات التي تزداد فيها حدة المرور قبل وبعد مدفع الإفطار؛ إذ لم تقم أمانة عمان في السابق بالاهتمام بشمولية الحدائق العامة التي تلبي المزاج العام والاحتياجات التي تنفس عن الناس وتفرغ طاقاتهم فيمضون وقت ما بعد العصر وقبيل الإفطار فيها بدلا من التجول بسياراتهم، فالحدائق تعمل على تخفيف الاختناقات المرورية وزيادة نسب الأوكسجين، فحين يذهب الناس إلى الممرات المخصصة للمشي ولممارسة أنواع من الرياضة التي من شأنها تقليل الدهون وحرق السعرات الحرارية، وتغيير المزاج العام مقابل الضيق الذي يسببه الاختناق المروري، والحفاظ على حالة صحية جسديا مما يوفر الكثير من المال والجهد العام الذي تنفقه الحكومة على التأمين الصحي وعلى البيئة، عدا عن التقليل من الحوادث المرورية الناتجة عن الاختناقات المرورية.
ولذلك تحتاج مدينة عمان العاصمة إلى حدائق تحتوي على مضامير المشي والركض، وركوب الدراجات وغيرها، وعلى أماكن خاصة بالأطفال وتوفير جلسات مجانية منظمة ومناسبة. وقد يسأل سائل هنا أو هناك هل بقي فقط على المجتمع الأردني في العاصمة وغيرها غير ترف المتنزهات وهم بحاجة لأكثر من ذلك بكثير، إذ تنقص الكثير من مستلزمات حياتهم الرئيسية وأهمها الواقع المالي الذي تردى في السنوات الأخيرة، ولعل الغذاء والدواء في سلم الأولويات التي تتراجع بسبب الفاقة التي تستشري في الجسد الاجتماعي للمجتمع الأردني.
أعان الله المواطن الأردني الذي أصبح يواجه ثالوثا من العقبات في رمضان: الاختناقات المرورية بسبب واقع البنية التحتية وعدم فتح شوارع بديلة في المناطق المختلفة مع زيادة مضطردة ومتسارعة للسيارات بسبب بعض السلوكيات الخاطئة، وزيادة جنونية في الأسعار تستنزف دخل العائلة وخاصة خلال شهر رمضان بسبب جشع تجار والطلب العالي على المواد المختلفة، وعدم وجود مسطحات خضراء للتنزه والراحة وممارسة رياضة المشي، ولعل هناك في الأفق حلا يجعل من تلاقي هذه الأضلاع ممكنا لتحقيق ما نراه ضروريا وصحيا. ونسأل الله أن يحفظ أردننا وكل ما يجمعنا على الخير.