ماهر أبو طير - لن تجد الحكومة حلاً جذرياً لملف المطلوبين للتنفيذ القضائي، كون عدد هؤلاء يزداد، والأماكن في السجون قليلة، والمشاكل المالية تتزايد، كلما تعمقت الأزمة الاقتصادية التي نعيشها في الأردن.
مناسبة هذا الكلام محاولة الحكومة حل المشكلة، وهو جهد مقدر، لكنه لن يحل المشكلة من أساسها، وبدلا من أن يسجن المرء في السجن يصير ممنوعا من السفر، بحيث يصير في سجن أكبر، بدلا من السجن الأصغر، وهذا يخفف العبء على السجون، ويساعد المدين على حل مشكلته، ولا يدمر عائلته بسبب غيابه في السجن، كما يخفف العبء عن الجهات التي تلاحق المطلوبين، الذين يزداد عددهم يوما بعد يوم، بشكل معروف وواضح، وليس سرا على أحد.
يقول وزير العدل إن عدد المطلوبين للتنفيذ القضائي وصل حتى الأول من نيسان من العام الجاري إلى 148 ألف مدين، وهذا الرقم رسمي، برغم أن الأرقام التقديرية كانت تتحدث عن ربع مليون مطلوب، واذا كنا هنا سنعتمد الرقم الرسمي الذي أشهره الوزير، فإننا بكل صراحة سنكون أمام أرقام أكبر، بعد شهر حزيران، في حال تم وقف قانون الدفاع على القضايا المالية، اضافة إلى ان الشهور المقبلة قد تشهد المزيد من القضايا المالية على خلفيات متعددة.
مشروع القانون المعدل للتنفيذ يبين أن القانون هدفه الحد من حبس المدين، وقد أحالته الحكومة إلى مجلس النواب بداية شهر تشرين الثاني من العام الماضي، فيما أحاله مجلس النواب إلى لجنته القانونية، حيث تم التوسع في حالات عدم الحبس وخاصة بين الأصول والفروع، والديون التي تقل عن 5 آلاف دينار فلا يتم الحبس عليها، وسيكون البرلمان أمام هذا القانون، وقد يكون مناسبا ان يرفع النواب سقف الدين الذي لا يتم السجن عليه، إلى مبلغ اكبر، دون ان يؤدي ذلك إلى اضاعة حقوق الدائنين، كما ان هناك فرقا كبيرا بين حالات التعثر وعدم القدرة على السداد، وحالات الاحتيال او النصب او تعمد عدم دفع الحقوق المالية لأصحابها، وهذا أمر قائم فعليا.
الوزير يتحدث عن 148 ألف شخص مطلوب رسميا، ولو أرادت وزارة العدل إجراء دراسة حول الذين عليهم حقوق مالية في الأردن، ولا يسددونها لاعتبارات مختلفة، لكان الرقم مرتفعا جدا، خصوصا، أن اللجوء إلى القضاء لا يتم في كل الحالات، فهناك ديون بين الافراد انفسهم، ومشاكل في سدادها، او استسلام من جانب الدائن لعدم قدرة المدين على السداد، ولعل الأردن من الدول التي تسود فيها الديون بشكل عام، سواء للمصارف، أو للأفراد على الأفراد، وعدم السداد شائع بين الأفراد ذاتهم، بسبب عدم القدرة، أو التعثر، فيما هناك حالات كثيرة وبسبب الحرج الاجتماعي أو تقدير الدائن لظروف المدين، ولا يتم فيها اللجوء إلى القضاء نهائيا.
هذا يعني أن مشكلة الديون اكبر بكثير من رقم 148 الذي أعلنه الوزير، ونحن هنا نوجه كلمة إلى البرلمان أن عليه أن يحسن على تعديلات الحكومة التي قدمتها، بشأن قانون التنفيذ القضائي، دون فقدان عنصر احترام حقوق الدائن، مع تذكر الوضع الاقتصادي، ووجود نسبة كبيرة من المدينين الذين يواجهون مشاكل جمة، لن نجد لها حلا، خصوصا، في ظل ما تفرضه مؤسسات تمنح القروض من فوائد مركبة، تجعل الدين يتضاعف في حال عدم السداد، وهي قصة هنا، بحاجة إلى حل جذري، كونها تعد وجها من وجوه المشكلة الأساسية في هذا الملف الشائك.