"احتفالات هندوسية أمام مسجد".. مخاوف من تطورات العنف الديني في الهند
"احتفالات هندوسية أمام مسجد" .. مخاوف من تطورات العنف الديني في الهند
زاد الاردن الاخباري -
احتفل المصلون الهندوس بالإله هانومان لساعات يوم السبت، دون أن تقع أي مشاكل، لكن مع غروب الشمس اختلف الوضع كليا.
فقد توجهت مجموعة من الشباب المنتمين لجماعة هندوسية وطنية ملوحين بالبنادق والسيوف، وتجمعوا أمام مسجد خلال أداء صلاة التراويح في جاهانجيربوري، أحد أحياء عاصمة الهند، نيودلهي، وأطلقوا عبارات مسيئة مشغلين مكبرات الصوت بالأغاني ورفضوا الرحيل، وفقا لما نقلته صحيفة "واشنطن بوست".
ومع حلول ساعات الصباح خرجت مجموعة، رجحت الصحيفة أنهم مسلمون، في حي مختلط الأديان، وفقا لما نقلته عن شهود وعناصر الشرطة، وبدأوا بقذف الحجارة، لتندلع اشتباكات أوقفتها شرطة مكافحة الشغب.
يقول شيخ بابلو، صاحب محل تجاري مسلم للصحيفة الأميركية إن الاحتفال بالإله هانومان يجري كل عام في المنطقة، متسائلا: "لماذا قرروا أن يتوقفوا أمام مسجد هذا العام ويجبرونا أن نقول: 'جاي شري رام'"؟ (أي النصر للإله رام)، ويضيف "لقد تمادوا أكثر وأكثر في استفزازنا".
وتعد هذه الحادثة الأخيرة جزءا من سلسلة اشتباكات وقعت بين الهندوس والمسلمين هزت البلاد خلال الأسابيع الأخيرة.
ورغم أن الوقائع الأخرى حصلت في مناطق مختلفة وأوقات متنوعة، إلا أن هناك رابطا بينها، وفقا لتعبير الصحيفة: مجموعة من الهندوس الوطنيين ينضمون إلى محتفلين سلميين من الهندوس، لتتحول إلى مواكب صارخة تقاد إلى أحياء يقطنها مسلمون ما يتسبب باندلاع المواجهات.
وتنقل الصحيفة عن مراقبين تحذيرهم من أن الهند، التي يسكنها 80 في المئة من الغالبية الهندوسية و14 في المئة من المسلمين، على شفير عنف واسع.
ويقول المؤرخ سابا ناقفي، لـ "واشنطن بوست" إن "أعمال الشغب ليست ظاهرة جديدة.. لكن لم أشهد قط حوادث بهذا العدد في آن واحد. أشعر أن الناس مستعدون لقتل بعضهم".
وذكرت الصحيفة أنه في العاشر من أبريل الجاري، وخلال الاحتفال الهندوسي بيوم ميلاد الإله "رام" وقعت اشتباكات واسعة بين الهندوس والمسلمين في ست ولايات هندية، مشيرة إلى أن العديد من مقاطع الفيديو والصور المتداولة تظهر مشاهد مماثلة لرجال يلوحون بالأسلحة وينادون بغضب إشادة بالإله رام.
وفي الليلة ذاتها أشعل مثيرو الشغب النار في مركبات في حين أصيب مئات حول البلاد بجروح، وقتل آخرون في مدينة خارغون.
وأشعل اليمينون المتطرفون في الهند بخطاباتهم الملتهبة الخلافات خلال
العام الماضي، وفقا لما يشير إليه خبراء للصحيفة، من بينها الدعوة التي كان قد أطلقها الراهب الهندوسي، ياتي كريشناناند، في ديسمبر بحمل الأسلحة و"شن حملة تطهير" لقتل المسلمين، وقامت
السلطات الهندية باعتقال الرهاب وتوجيه تهم بخطابات الكراهية.
نظريات "المؤامرة الإسلامية" تشعل الخلافات
وحتى بعد خروجه بكفالة، ظهر الراهب نفسه مجددا في مقطع فيديو، التقطه أبريلالجاري، في شمالي نيودلهي، قرب جاهانجيربوري تحديدا، محذرا الجمهور من أن نصف الهندوس سيقتلون في حال انتخاب
رئيس وزراء مسلم للبلاد.
وقالت شرطة دلهي، الثلاثاء، إنها ألقت
القبض على 25 شخصا تورطوا في اشتباكات السبت، وذكرت أنه تم التعرف على 17 مشتبها به من المسلمين وستة من الهندوس، بما في ذلك أعضاء "Vishva Hindu Parishad" (أو VHP اختصارا)، وهي منظمة يمينية تابعة لحزب "بهاراتيا جاناتا"، وهي التي قادت المسيرة الأخيرة نحو المسجد.
من جهته، تعهد فينود بانسال، المتحدث باسم منظمة "VHP"، بمقاضاة مسؤولي
الشرطة المحلية لاعتقال أعضاء مجموعته، وقال إنهم لن يرتدعوا. وقال إن حزب VHP وفروعه سيواصلون تنظيم التجمعات في الأشهر المقبلة وسيكون لهم الحق في مسيرة إلى الأحياء الإسلامية إذا رغبوا في ذلك، مضيفا أن السيوف والبنادق التي لوح بها أعضاء منظمته كانت لدواع احتفالية بحتة.
وقال: "نعتقد أن البلد واحد والجميع أحرار في الذهاب إلى أي منطقة. لا يمكنك منعنا بالقول إن هذه منطقة ذات أغلبية مسلمة أو منطقة حساسة. يمكنني أن أذكر العديد من
الحالات التي يخالف فيها المسلمون القواعد ويثيرون ضجة في (الأعياد الإسلامية) ولا يرشق الهندوس الحجارة أبدا، ولكن عندما ننطلق في موكب، فإن هؤلاء المتطرفين من المساجد والمدارس يصبحون عنيفين".
تقول الصحيفة إن بانسال عكس مشاعر يتردد صداها بقوة بين كثيرين في اليمين الهندوسي في الهند، الذين يعتبرون أنفسهم ضحايا مؤامرة إسلامية.
فبعد
أيام من اندلاع الاشتباك في شمال دلهي، حيث لا تزال شرطة مكافحة الشغب والقمامة تغطي الشوارع، أصر السكان الهندوس على أنهم محاصرون.
ويرى التاجر الهندوسي، أشوك كومار، والذي شهد اشتباكات السبت أن الحي الذي يقطنه قد دمره تدفق المهاجرين من ولاية البنغال الغربية الهندية وبنغلاديش المجاورة، وهي نقطة نقاش مشتركة معادية للمسلمين بين أوساط اليمين المتطرف.
ويضيف "هذه الأجندة تهدف لإثارة المشاكل.. كلها (أمور) مترابطة. الفكرة كلها تكمن في استهداف الهندوس وألا يترك الهندوس ليعيشوا في سلام".
لكن بابلو، التاجر المسلم، يستذكر التغييرات التي عاشها، حيث استمتع بالسلام لأربعين عاما في نيودلهي بعد أن غادر غربي البنغال، أبناء جيرانه الهندوس اليوم يعتبرونه والدهم، وقام بتوزيع الحلوى في حفل "ديوالي" الهندوسي.
لكن اليوم تملأ الكراهية حيه، ويقول إن الجماعات الهندوسية تشعر بأنه يمكنها التطاول، مضيفا "الأمور يمكنها أن تسوء أكثر بكثير".