حسن محمد الزبن - لا شك أن اللجان والورش التي تشكلت، وجمعت أدمغة سياسية، وخبرات اقتصادية، وضالعين في القانون، وهم كفاءات أردنية، وعكفت على مهامها ليل نهار، غير مكتفية بأوقات موائد البحث والحوار، والتقصي بأمانة ودقة ووطنية ما يجب أن يكون مستخلصا لخدمة المنظومة السياسية الحديثة، التي تُعلق عليها الآمال لبناء المستقبل الواعد؛ فكان عصفا من عقول أردنية تتفق في جانب وتختلف في آخر، لكنها مع الوقت تبني توافقات وطنية، وتتجانس لولادة ارادة سياسية فاعلة، ونهج اقتصادي قادر على مواجهة التحديات، ويظلل كل هذه التوافقات بناء قانوني يرمم كل الفراغات ويهذب المستخلصات والأفكار، لاستصدار التعديلات؛ فكانت أخيرا على الدستور، وقانون الأحزاب، وقانون الانتخاب، ونظام مجلس الأمن القومي، وقانون الأحوال المدنية، وسلسلة من القوانين التي صدرت ونشرت بالجريدة الرسمية، وأخرى جاري العمل عليها أهمها قانون الاستثمار، وتكاتفت الحكومة، ومجلس النواب، ومجلس الأعيان، نحو هذا المنجز الوطني، وهذا لا يعني الكمال، لكنه الاجتهاد الذي قد يلقى النقد، وقراءات مختلفة لدى وجهات نظر أخرى، لكنه في النهاية جهد وعمل دؤوب لتصويب العمل العام، وامكانية لرسم سياسات عامة تُفضي للخروج من عنق الزجاجة.
هذا يعني أننا مقبلون على التحديث والتغيير في أروقة وأجهزة الدولة ومؤسساتها، بطريقة قد تكون غير مسبوقة، لأنها ستحتكم لاختيارات صعبة، وستطال أغلب المواقع في الدولة، وتؤسس لمرحلة مهمة في صناعة المستقبل الأردني، وسيكون الوقت قريبا لهذا التغيير الذي تفرضه المرحلة وضرورة العمل بهذا الاتجاه، والشعور بالارتياح العام لدى كل الأطياف أن عجلات ماكنة التغيير قد بدأت في كل الاتجاهات، وبالتوازي مع كل الضوابط لمسيرتها، لنشهد المستقبل القريب بأفضل حالاته، بعيدا عن أي مماحكات، أو تشنجات، كما كانت من وقت قريب تتصدر المشهد.
الرحلة ستبدأ بإطلاق الإرادة السياسية، بالوقت الملائم الذي سيحدده صانع القرار السياسي، وهو يمسك بزمام الأمور، ويدير دفتها باستشرافه وقراءته للمستقبل الذي يحفظ الأردن والأردنيين، وهو الحريص أن ينعم الجميع بالرفاه والاستقرار، وتنعم الدولة والشعب بالاطمئنان لما نحن مقبلين عليه، بما لديه من قرارات حكيمة ودقيقة في مسارنا الوطني، وهو يحمل هذا الهم في فكره، واهتماماته الأولى، إلى جانب اهتماماته الخارجية، والعلاقات الدولية التي تُوظف لدعم سيادتنا ووجودنا كدولة فاعلة بالمنطقة، ولها دور محوري لا يمكن تجاهله، وينعكس على قوة وتماسك الأردن وشعبه أمام أي تحديات مستقبلا.
وسيكون الاقتصاد أول محاور الانطلاق، لزيادة منعته وقدرته على التحول التدريجي للتكيف مع السياسات الناظمة له، وتحفيزه بتمكينه من التقدم بقوة أمام ما يواجهه الاقليم والعالم من تحولات.
وستكون السياسة الأردنية داعمة لهذا الأفق الجديد، وسنذهب بعيدا عن كل البدائل القديمة، وسياسة الترقيع، والمجاملة، فالترشيق في وزارات ومؤسسات الدولة مطلب، والرشاقة في همة العمل الاقتصادي واجب، وحُسن ادارة المواقع في الدولة، يخدم الجانب الاقتصادي أيضا، ولا ينفك عنه.
الكل ينتظر التغيير في الحياة العامة، والاستحقاقات الجديدة التي ستطرأ على الحكومة والبرلمان، ومؤسسات، ومجالس، وهيئات خاصة ومستقلة.
حمى الله الأردن، وقيادته الحكيمة،