العالم كله يفعل؛ والمتوقع أن تتغير سياسات وأداء حكومات كثيرة في العالم، فالظروف الداعية لهذا كثيرة، منها ما هو عالمي وإقليمي، ومنها ما هو مبني على أحداث وظروف طارئة، أثرت في العالم الذي لم يلتقط أنفاسه بعد من مرحلة كورونا وتداعياتها الكثيرة.
نحن في الأردن لم نكن بعيدين عن كل هذا، بل إننا قطعنا مسافات شاسعة في التغيير وثمة سلسلة طويلة من المحاولات الناجحة لمجاراة التحديات التي فرضتها الجائحة، والأحداث الكثيرة المتوالية المتسارعة الجارفة، لكن ما نحتاج إليه اليوم هو مراجعة سريعة ومحاولة تأكيد أو إعادة ترتيب الأوراق والأولويات، في وقت لا يتوقف فيه العالم عن مجاراة الواقع والظروف ليفرض واقعا غيره وظروفا جديدة، تحتاج من الدول أن تكون ديناميكية وسريعة في احتواء أزماتها، وتذليل ما تستطيع من عقبات تواجه مسيرتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
من أهم ما نجح فيه الأردن خلال فترة الجائحة حتى الآن، بأن رسخ مؤسسية ما للأداء الرسمي، حيث طفت على سطح الأحداث الداخلية ما يشبه الفلسفة او خطة العمل التي وفرها قانون الدفاع وأوامره، لكن حتى الآن لم يتم تقييم هذه المرحلة ودراسة نتائجها، فثمة إيجابيات وسلبيات لهذه الحالة، ومن إيجابياتها عقلنة الأداء بناء على طرح الحقائق كاملة، فالدولة ومن خلال الحكومة لم تنطو على نفسها ولم تحتكر الحقيقة، وقامت بإبرازها للجميع، وقدمت كل ما يمكنها لمساعدة الناس، وحافظت على اولوياتها ولم تقف عند الانتقاد ولم تأبه بغياب الثقة، وتمكنت من تجاوز مصاعب مالية واقتصادية وسياسية كثيرة، كل هذا جرى في ظرف سياسي صعب واقتصادي غاية في الصعوبة، حيث كان الأردن وربما ما زال في عين «مؤامرة» تستهدف دوره حتى استقراره الداخلي.. فنجحنا في تجاوز كثير من هذه التحديات.
وغياب الشفافية والمحاسبة، من سلبيات هذه المرحلة، التي هي ربما نابعة من خصوصية الحالة شبه الطارئة التي فرضتها الجائحة، وقانون الدفاع، ولعل من أهم ما يستدعي التوقف والتقييم هو التغييرات التي حدثت على صعيد الإصلاح السياسي، فقد جرى تغيير كبير ونقلة نوعية، لا يمكن أن تمر دون تقييم، وتحديد أولويات جديدة تنسجم معها، وتحقق الهدف منها.
في موازاة العمل الحكومي ظهرت مؤسسة الديوان الملكي، وقامت بدور خرافي في مأسسة كثير من الإجراءات المتعلقة بالوضع الاقتصادي سواء على صعيد الاستثمار، أو تأمين التمويل الذي يقدم فرصا للتنمية من مختلف الأحجام، مع تأكيدنا بأن الجهود كانت منصبة من قبل الديوان على التخفيف عن الناس من وطأة الأعباء الاقتصادية، وإيجاد فرص عمل (بل تشغيل وتدريب)، وإرساء أفكار الاعتماد على الذات بالنسبة للشباب والفئات التي تعاني ظروفا أقسى، وهذه جهود جبارة لم يتم تقييمها ولا استخلاص النتائج منها وطرحها على الملأ، لأنها بلا أدنى شك تجربة مستقرة تمخضت عن تغيير كبير على صعيد التنمية وتغيير انماط التفكير حتى في المؤسسات الحكومية.
التساؤل بل التوقع ليس نمطيا هذه المرة، حين نتوقع مبادرة ما أو توجيهات من جلالة الملك، وربما تغييرات تجاري ما تم إنجازه من تطوير على الأداء، حيث مرت على الأردن حالات مشابهة من السكون او الأداء الميكانيكي للمؤسسات، وظهرت توقعات ربما اعتدنا عليها في الإعلام فحواها بأن جلالة الملك سيتقدم بخطاب ما او سيجري تغييرات في مواقع أو سيكون هناك تعديل على حكومات.. الخ السلسلة التي قلنا عنها بأنها أصبحت نمطية في الحوار العام، لكننا هذه المرة أمام ما يشبه الاستحقاقات، والتي نجمت عن أداء مختلف وعن تغييرات في منظومة تشريعات سياسية، وعن أداء رسمي وشعبي عام أصبح عمره أكثر من عامين، ولم ينل بعد وقفة مراجعة وتحديد أولويات.. فماذا سنتوقع بهذا الخصوص في الأيام القليلة القادمة؟ وهل ستكون المبادرة من قبل جلالة الملك الذي عاد سالما معافى بحمد الله من رحلة علاجه القصيرة؟!.
ما الذي سيحدث ع العيد؟!.