سلامة الدرعاوي - وصف رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة الأوضاع الاقتصادية بإنها ممتازة، وهذا أمر مبالغ فيه مثلما الحال في تصريحات رئيس الوزراء السابق طاهر المصري بإن الاقتصاد مقبل على حالة إفلاس، فالاثنان سواء في التهويل والمبالغة.
الوصفان السابقان مبالغ فيهما، ولا يجوز أن يصدرا من شخصيات مسؤولة، فهذه أوصاف لا تستند إلى أي حقائق اقتصادية موضوعية أبدا.
دولة الرئيس: أوضاعنا الاقتصادية تكون ممتازة عندما يكون هناك فائض في الموازنة لا عجزا مجمعا يناهز الـ 2.356 مليار دينار.
وكلمة ممتازة للاقتصاد تكون في حالة تراجع المديونية من عام لآخر، وليس في حالتنا التي تزداد، ووصلت إلى أكثر من 33 مليار دينار أو ما نسبته 114 % من الناتج المحلي الإجمالي.
والاقتصاد يكون ممتازاً عندما يحقق معدّلات نموّ عالية تناهز الـ6 % وليس 2 % كمعدل تحقق في آخر 10 سنوات.
والاقتصاد يكون ممتازا عندما تتدفق الاستثمارات الأجنبية بشكل متزايد من عام لآخر، وليس في حالة الاقتصاد الوطني التي تراجعت التدفقات الاستثمارية بأكثر من 60 % خلال الأعوام الخمس الماضية.
والاقتصاد يكون ممتازا عندما يكون قادرا على خلق فرص عمل لأكثر من 156 ألف شخص يدخلون سوق العمل سنويا، وليس كما هو في حالة الاقتصاد الوطني الذي لم يعد القطاع العام فيه قادرا على خلق فرص عمل بأكثر من 7000 وظيفة فقط خلال العام الماضي، في حين أن القطاع الخاص يترنح وغير قادر على التوسع الاستثماري بسبب معيقات إدارية ومالية مختلفة.
الاقتصاد يكون في حالة الامتياز عندما تكون معدلات البطالة ضمن الحدود الآمنة والتي عادة ما تكون بأقل من 6 %، وليس في حالة الاقتصاد التي تناهز معدّلات البطالة فيه الـ23.2 %.
الاقتصاد يكون ممتازا عندما يزداد اعتماده على موارده الداخليّة بشكل مضطرد، لا ان يظل معتمداً وبشكل متزايد على المنح والمساعدات الخارجية التي باتت تلعب دورا مهما وأساسياً في تعزيز الاستقرار الماليّ للدولة.
وصف الأوضاع الاقتصاديّة بإنها ممتازة هو نفس الخطأ في المبالغة للذين وصفوا الأوضاع الاقتصاديّة بإنها مقبلة على الإفلاس، فالاثنين في نفس الخانة من المبالغات والتهويل.
الأساس ان يطرح ويناقش الوضع الاقتصاديّ بكل شفافية أمام الرأي العام ولا يتم المبالغة أو التهويل في الوصف.
اقتصادنا بخير مقارنة مع دولة “تعيسة” اقتصاديّاً مثل لبنان وتونس والسودان واليمن .
واقتصادنا بخير اذا ما ما تمت مقارنته بالاقتصاد المصري الذي يتعرض لضغوطات ماليّة رهيبة خلال الأسابيع الماضية.
الاقتصاد الأردني اقتصاد مستقر بدليل ثبات التصنيف الائتماني السيادي للمملكة لدى أهم خمس مؤسسات عالمية بهذا الشأن عند مستوى B، وهذا مستوى ليس بالجيد ولا بالسيئ، ولكنه مستقر في الوسط، وضمن الدرجة الثالثة في المخاطر .
دولة الرئيس: الاقتصاد الأردني اقتصاد مستقر بأوضاعه، وكل ما هو مطلوب من الحكومة ان تسارع في تنفيذ الإصلاحات الماليّة بشكل جريء بعيداً عن الأيدي المرتجفة، واتخاذ قرارات والسير في تنفيذها بشكل مؤسسي وضمن إطار زمني وأهداف محددة، مدعومة بعمليات قياس موضوعية لقياس الاداء والتقييم للإجراءات والخطط، للوصول تدريجيا إلى حالة الامتياز التي يتحدث بها الرئيس والتي يحلم بتحقيقها الجميع ويتمناها الكل وليس فقط الرئيس، لكن هذه الأمنية تبقى خيالا وحلما طالما لم تتحرك الحكومة للأمام في إحداث إختراق إيجابي للعملية الاقتصاديّة والاستثماريّة وإصلاح القطاع العام، وغير ذلك ستبقى صفة الاستقرار ملازمة للمشهد العام مدعوما بدعم دولي للاقتصاد الوطنيّ الذي يرتبط بإتفاق تصحيح هيكلي مع صندوق النقد الدولي، فلو كان الوضع ممتازا كما قال الرئيس ، لما كان الأردن بحاجة إلى هذا الاتفاق الذي يوفر له مظلة للاقتراض الخارجيّ لتمويل نفقات الحكومة المتزايدة.