زاد الاردن الاخباري -
في الخبر ... "أقر مجلس النواب في جلسته الاثنين، برئاسة رئيس المجلس عبد الكريم الدغمي، وحضور هيئة الوزارة، عددا من التعديلات على مشروع القانون المعدل لقانون العقوبات .. ووافق النواب على عقوبة الحبس مدة لا تتجاوز 6 أشهر وبغرامة لا تزيد على 100 دينار، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من شرع في الانتحار في مكان عام، وتضاعف العقوبة إذا كان ذلك باتفاق جماعي". لقد أصاب النص في اعلاه الشارع الأردني بصدمة كبيرة؛ فكيف يمكن للتشريع – الذي يفترض انه يعالج المشكلات الاجتماعية ويحقق مصلحة الأفراد والمرضى بإحالتهم إلى المراكز العلاجية المختصة - أن يفرض عليهم عقوبة ! لا سيما وأن المنتحر مريض يريد أن ينجو من حياته البائسة من وجهة نظره؛ وكأن المشرع يقول له إذا فشلت في الانتحار سأعاقبك .. لذلك قم بكل جهد من اجل ان تنجح فإما الانتحار او العقوبة !!! إن المنطق الذي صيغ فيه النص القانوني في أعلاه منطق قاصر ويتنافى مع الواقع القانوني السليم؛ فلا يجوز على أية حال معاقبة المريض بإحالته إلى القضاء ومعاقبته بدلاً من إحالته إلى المراكز النفسية والعلاجية وإيجاد حلول لمشكلاته الاجتماعية وأزماته النفسية. لذلك قد يقول قائل .. إن الكثيرين أصبحوا يقومون بالانتحار من أجل إثارة البلبلة والرأي العام من دون دوافع حقيقية؟ وفي الإجابة على ذلك نقول إن "هؤلاء الأشخاص قلة في المجتمع ولا يمكن على أية حال تمييزهم عن غيرهم وبما أن حسن النوايا مفترض في القانون فلا يجوز معاقبة الجميع بسبب ثلة من المهددين بالانتحار وان يؤخذ المريض بجريرة الشخص الذي يفتعل محاولة الانتحار، فضلاً عن كون هذا الموضوع تحديداً من الموضوعات التي تتعلق بالازمات النفسية للشخص ولا يجوز بناء نص قانوني على فكرة مائعة أو غير قابلة للتحديد، وهو أمر يمكن أن يتدخل الطب النفسي به والذي بالتأكيد لم يلجأ له مجلس النواب الأردني لأنه لو لجأ إليه لن يصيغ نصاً بهذه الضعف القانوني. وعلى أي حال فقد لفتني عبارة "كل من شرع في الانتحار في مكان عام .. " وهنا يثور التساؤل ماذا بالنسبة لمن شرع بالانتحار في مكان خاص وعلمت به الدولة .. هل سيعاقب فلو افترضنا أن شخصاً ما أقدم على الانتحار في منزله لكنه لم يتمكن لسبب او لآخر وتم نقله إلى أحد المستشفيات وفي التحقيق تبين أنه كان يريد الانتحار .. هل يطبق عليه هذا النص ام لا !!! ومن هنا وبعد قراءتنا لهذا النص يمكن أن نقول إن "هذا النص قاصر عن معالجة المشكلة ويتناقض مع الفكر القانوني السليم"، لذا نتمنى على مجلس الأعيان مناقشته مطولاً قبل استكمال إقراره وفقاً للقنوات الدستورية.