بدايات بالاحتلال والأسلحة وانتزاع الحق من أصحابه، وتهجير ولجوء، وتفاصيل لا تُحكى بسطر ولا سطور، ففيها قهر وتعذيب وقتل ومزيد من التهجير بل الأمر بات يزداد خطورة يوما عن يوم بمزيد من الانتهاكات والعنف، ومصادرة أقدس الحقوق في منع المصلين من صلاتهم، فلم تكن فترة لتمرّ إنما بقيت عُمرا من الاحتلال زمنا من الانتهاكات الاسرائيلية التي حملت كلّ البدايات المؤلمة للشعب الفلسطيني الذي ما يزال حتى اللحظة يزيد وجع الإحتلال مضاعفا.
فلسطين، وكما يقول جلالة الملك عبد الله الثاني دوما هي القضية المركزية، وفي حلّها تحقيق للسلام لكل باحث عنه، ليس فقط في المنطقة، إنما في العالم، على أن يكون سلاما عادلا وشاملا، وفقا للشرعية الدولية والقوانين التي من شأنها أن تعيد الحقوق لأصحابها، دون تعنّت من اسرائيل وادارة ظهرها لكل ما من شأنه أن يحقق السلام، بل جعله مستحيلا وصعب المنال.
المراقب للمشهد في الأراضي الفلسطينية لا يمكنه لأن يرى سوى حالة من الظلم تقع يوميا وفي كل ثانية على الشعب الفلسطيني تحديدا في مدينة القدس المحتلة، وفي المسجد الأقصى، فلا يمكن لأي عقل أن يستوعب فكرة تعريض حياة المصلين للخطر وهم في أكثر بقاع الأرض أمنا وسلاما، في المسجد..المسجد الأقصى، فكل من يدخل هذا الحرم المقدّس يكون مشروع شهيد، وإن لم يكن شهيدا كان جريحا أو مصابا باصابات خطيرة، ولا يمكن أن يستوعب العقل أن يتعرض حارس مسجد للإعتداءات من قبل المستوطنين أو من شرطة الاحتلال ليكونوا أيضا جميعا مشاريع شهداء أو مصابين، هو واقع يبعد كثيرا عن قدرة الاستيعاب، لما يحمله من تفاصيل سيئة وخطيرة.
لا يمكن تجاهل ما يحدث على الأراضي الفلسطينية، وعدم إدراك خطورة ما تقوم به سلطات الاحتلال سواء كان في القدس أو في فلسطين بشكل عام، كما حدث في الحرم الإبراهيمي على سبيل المثال وليس الحصر، وفي قرية يطّا، وفي نابلس، والخليل، وغيرها من المدن الفلسطينية التي لم تعد أي منها بمنأى عن أداة الحرب الإسرائيلية وجرائمها، كما لم يعدّ أي حق مصان بما فيها الحقوق الدينية، بقاء حالة التجاهل هذه وابقاء عيون الاهتمام متجهة نحو حروب أخرى في العالم دون منح فلسطين الاهتمام الذي يجب أن يكون، فإن الأمور تتجه نحو أزمات لن يتمكن أحد من منعها، أو حتى السيطرة عليها، أزمات لا تقتصر على بلد بعينه، ولا حتى على منطقة بعينها.
ما تقوم به اسرائيل يجب أن يتوقف وهذا الأمر ليس ترفا، أو حتى خيارا، يمكن الأخذ به من عدمه، هي جرائم ترتكب يوميا، تزداد إجراما يوما عن يوم، مما يجعل من ضرورة توحيد الجهود العربية والدولية، مع الأردن وفلسطين لوقف ما يحدث والذي باتت الزيادة والتغوّل في الانتهاكات شكله، ففي كل يوم يزداد العنف الإسرائيلي الممارس على الشعب الفلسطيني الجبّار، تكبر به مسافات الوصول للسلام، وتبعد الخطى عن تحقيقه، وتتسع دائرة الظلم على الفلسطيني، فلا بد من خطى حقيقية لحلّ عادل لما يدور في ميدان فلسطين، ووقف أداة الحرب الإسرائيلية عن جرائمها التي ودون أدنى شك كما هي جرائم على الإنسانية وهي جرائم على السلام.