كانَ لشهرِ رمضانَ وعيد الفطرِ السعيد هذا العام بهجة ولون وطعم مختلف عما كانا عليه في السنتين الماضيتين. لقد مر العالم في حالةٍ من الإنغلاق والحظر المنزلي وتوقيت الخروج والدخول، ناهيك عن تدابير وقائية لا بد من مراعاتها وفي مقدمتها التباعد الجسدي والاجتماعي واستخدام الكمامات ومواد التعقيم.
كانت حالات الإصابة بالكورونا وعديد الوفيات بمثابة الهاجس اليومي للجميع، ولم يعد ثمة أولويات أكبر من الحفاظ على أنفسنا من خطر الإصابة وأن نجد سريراً وجهاز أوكسجين في المستشفيات التي غصَّت بالمصابين في مفاصل عديدة من السنتين الماضيتين.
لم نعد نعرف مذاق الفرح وألوان الحياة نتيجة سيادة اللون الحزين المغلف بأوجاع المتعبين من المرضى ومن الفقدان للمقربين خاصةً في ظل عدم توافر العلاجات لهذا الوباء الجائحة، ولولا تصنيع اللقاحات وزيادة عديد ممن تلقوا التطعيم بحيث أصبح المجتمع محصناً نسبياً من هذه الآفة الكارثية التي كادت أن تأخذ العالم إلى الهاوية.
عامان خارج المعتاد، خارج السياق المألوف، خارج العلاقات العائلية والاجتماعية، توقفت فيها كثيراً من الممارسات اليومية والسلوكات الطبيعية، حتى كدنا ننسى كيف كنا وكيف كانت تمضي بنا الحياة.
وجاء فصل الشتاء هذه السنة كريماً معطاءً حيث لم يتمكن الناس من القيام برحلات نهاية الأسبوع طوال أشهر كانون الثاني وشباط وأذار نتيجة سقوط الثلوج والأمطار كل نهاية الأسبوع.
لقد عاش الناس رمضان هذا العام فيما يشبه احتفالية متواصلة طيلة الشهر الكريم، كانت حركة الأسواق كبيرة، كانت الأمسيات الرمضانية منتشرة في كل المدن والتجمعات، كان تبادل الزيارات بين العائلات، كان أداء العبادات والصلوات والتراويح في أعلى أوجها.
وجاء العيد لتكتمل الفرحة والبهجة في عودة الروح والحياة لمفاصل العلاقات بين البشر، فشاهدنا كيف كان الإقبال على شراء الملابس والحلويات والهدايا بالرغم من شح الإمكانات، وشاهدنا تزاحم الناس وحركتهم في الشوارع والمقاهي وحتى مصليات صلاة العيد التي اكتظت بالمصلين في زيادة ملحوظة لم نعهدها في السنوات الماضية.
وصولاً إلى تواجد رقم قياسي من المواطنين والوافدين الضيوف في المناطق السياحية حيث تواجد في العقبة لوحدها خلال أيام العيد أكثر من 150 ألف زائر، وهو رقم كبير جداً على قدرات وطاقة العقبة السياحية والتسويقية.
« الازدحام « هي الكلمة التي تلخص كافة الفعاليات الرمضانية وفترة العيد، فلا مكان ولا شارع ولا محلات ولا مواقع سياحية إلا واكتظت بالمرتادين لها.
هناك ملاحظات على مظاهر مؤسفة من حيث الحوادث المرورية في فترة العيد، وفي بعض المشاجرات التي تتكرر دون أسباب وجيهة، وملاحظات على نشر فيديوهات عن ضيوف في المواقع السياحية وبأسلوب منفر وساخر، وبعض المشاهد المحزنة لبعض المواقع التي يفترض أنها سياحية، حيث ظهرت بلا أدنى خدمات أو مرافق أو رعاية من طرف الجهات المعنية.
كأنه العيد يولد من جديد، فنعيد ما يجعلنا نستعيد كل جديد.
كل عيد والأردن والقيادة والشعب والأمة والإنسانية في سلام ووئام وانسجام.