زاد الاردن الاخباري -
برزت ماليزيا مؤخرا كقاعدة عمليات خارجية محتملة لحركة حماس وهو ما يثير مخاوف أمنية لدى ماليزيا وجيرانها حيث يتوقع أن يصطدم قبول الحكومة باستضافة الحركة برفض قيادات أمنية وعسكرية.
ويرجع مراقبون تلك المخاوف إلى إمكانية أن يحوّل الوجود المعزز لحماس ماليزيا إلى ساحة معركة شرق أوسطية.
ويأتي هذا في ظل تواتر الأنباء بشأن بدء تركيا وقطر التملص من دعمهما للحركة وخاصة أنقرة التي تسعى لتوطيد علاقاتها مع إسرائيل ومصر ودول الخليج، وتحدثت تقارير عن طردها لناشطين في الحركة الأسبوع الماضي.
وأشارت تقارير صحافية إلى أن نشطاء حماس المرحلين مدرجون في قائمة إسرائيلية قدمت إلى تركيا لأفراد متورطين في الأنشطة المسلحة للجماعة في انتهاك لشروط إقامتهم في تركيا. وبحسب ما ورد، كان نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس والقائد العسكري السابق صالح العاروري من بين المطرودين.
وكان وزير الخارجية الماليزي سري سيف الدين عبدالله أشار الشهر الماضي إلى تغريدة حول مكالمة هاتفية مع القيادي البارز في حركة حماس إسماعيل هنية.
وقال مصدر ماليزي مطلع لمجلة “فورين بوليسي” إن قوات الأمن في البلاد قد تعترض على منح حماس مساحة أكبر في ماليزيا. ومن المرجح أن تدعم قوات الأمن في بعض دول جنوب شرق آسيا نظيرتها الماليزية.
ويقول محللون إن منظمة الثقافة بماليزيا تلعب دورا مهما ويُنظر إليها على نطاق واسع على أنها “سفارة” حماس في منافسة مع السفارة الفلسطينية الرسمية التي تسيطر عليها حركة فتح في كوالالمبور. وتأسست بعد أن رفضت فتح إخلاء السفارة إثر انتخابات 2006.
واستخدمت حماس مركزها الثقافي في كوالالمبور للحفاظ على اتصالات غير رسمية مع مختلف دول جنوب شرق آسيا التي لا تريد أن يُنظر إليها على أنها تتحدث إلى الجماعة إما بسبب علاقاتها مع إسرائيل، أو معارضتها للإسلام السياسي، أو حظر دول غربية للحركة وتصنيفها إرهابية.
ولا ترتبط إندونيسيا وماليزيا، الدولتان الرئيسيتان ذاتا الأغلبية المسلمة في جنوب شرق آسيا، بعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل. ومع ذلك، فإن ماليزيا أكثر حدة في معارضتها للدولة العبرية ودعم الفلسطينيين، وتصدر في بعض الأحيان تصريحات تعتبر معادية للسامية عن بعض مسؤوليها، لاسيما عن رئيس وزرائها السابق مهاتير محمد.
وقال الباحث المصري في شؤون الجماعات الإسلامية هشام النجار إن بعض العمليات التي نفذها الموساد الإسرائيلي ضد ناشطين جرى تصنيفهم خطرين داخل دول جنوب شرق آسيا (خاصة الفلبين وماليزيا) -ومن ضمنها عملية جرت فيها تصفية أحد أبناء قيادي بحماس وهو خارج من أحد مساجد ماليزيا بعد أداء صلاة الفجر- أثبتت الحضور النوعي لخلايا ناشطة من حماس داخل هذه الدول والذي لا يقتصر على مجرد الإقامة العادية وإنما هو أيضا حضور حركي ونشاط تنظيمي.
وأضاف “يعود تنامي هذا الحضور النوعي لعناصر حماس وقادتها في ماليزيا وغيرها من دول جنوب شرق آسيا إلى كونها ساحة تقليدية لنفوذ جماعة الإخوان في آسيا وللتمثيل السياسي للجماعة هناك فضلا عن انتشار المشاريع والاستثمارات والشركات التي يملكها قادة جماعة الإخوان في ماليزيا والتي تعتبر الحليف والداعم الرئيسي بالنسبة إلى حماس”.
أما العامل الثاني والمهم حسب النجار، فهو هجرة العديد من قيادات حماس إلى ماليزيا وامتلاكهم العديد من الاستثمارات هناك وتكوين ما يشبه الإمبراطوريات الاقتصادية بين ماليزيا وتركيا وبعض دول أفريقيا وأميركا اللاتينية.
وتابع “هذان العاملان (أي الحضور والنشاط السياسي والاقتصادي) -فضلا عن التغلغل الإخواني في النسيج المجتمعي- مثّلا بيئة حاضنة وغطاء مثاليا لنشاط حركي سري من قِبل بعض خلايا حماس في ماليزيا وبعض دول جنوب شرق آسيا”.
ويعتقد النجار أن خيار ماليزيا لا يعد آمنا ومضمونا على المدى البعيد بالنسبة إلى حماس وهذا عائد إلى العديد من الاعتبارات أهمها النشاط الاستخباراتي الغربي والإسرائيلي المشترك في هذه المنطقة وخاصة في دول تعتبر في المقام الأول حليفة للولايات المتحدة مع الحرص الإسرائيلي استخباراتيا على عدم تكرار ما كان يحدث في الماضي من إمكانية استهداف مصالح إسرائيلية بهذه الدول وهو ما جرى على يد ناشطي المقاومة الفلسطينية في الثمانينات.
ويقلل مراقبون من المعلومات التي تروّجها وسائل إعلام محسوبة على الإسلاميين مفادها أن حماس تحظى بدعم وتعاطف شعبيين في ماليزيا.
وقال النجار إن هناك حالة شعبية ونخبوية ترفض أن تكون البلاد ملاذا بديلا لتنظيمات الإسلام السياسي الشرق أوسطية وهو ما اتضح في العديد من ردود الأفعال على مؤتمر كوالالمبور قبل عامين والذي هدف إلى إنشاء حلف إسلامي يضم تركيا وقطر وماليزيا والتنظيم الدولي للإخوان كبديل بعد تراجع مشروع الإسلام السياسي في المنطقة العربية.