فايز شبيكات الدعجه - في الاخبار اللافتة ان تاجر مخدرات أبدي مقاومة شديدة عند القبض علية من قبل رجال الامن في إحدى مناطق البادية الشمالية، وضُبط بحوزته 42 كف حشيش، و12 ألف حبة من الكبتاغون المخدرة، وهو خبر كغيره من الاخبار الشبيهة المتكررة يستفز مشاعر عموم الاردنيين ويثير اهتمامهم، ويستذكرون في كل واقعة الكثير من شهداء ادارة مكافحة المخدرات الذين قضوا في عمليات مماثلة في جهدهم وجهادهم الموصول لمنع ادمان ابناء المجتمع، وصد شىرور التجار والمهربين والمروجين .
لقد بحت اصوات المتابعين والمختصين والاعلاميين وجفت اقلامهم وهم يناشدون ويعلنون، وينشرون المقال تلو المقال بأن المخدرات تكسو المجتمع الاردني، وان ثغرة الحدود مع سوريا التي تدخل منها ثغرة ليست جغرافية، وغير مرتبطه بخلل ارضي، ولا تنقصها الحراسة،وهي خارج نطاق صلاحيات الامن العام ومجاله المكاني.
ما يطفو على السطح من حجم ظاهرة المخدرات لا يشكل شيئا يذكر بالمقارنة مع المخفي..نسبة كبيرة العائلات الاردنية مبتلاه بلاوي زرقا، وتخفي ابتلائها خوفا من الملاحقة القانونية، وتجنبا للعنة الوصمة الاجتماعية التي تؤدي في ابسط الاحوال الى عنوسة الشقيقات ،ولطالما الغيت مراسم الخطوبة والزواج عند اكتشاف حالات ادمان في احدى الاسرتين، وهذا غيض من فيض مساويء الماده الشيطانية واثارها المدمرة.
وقوع العملية في البادية الشمالية يدل على ان الكمية المضبوطة طازجه وجرى تهريبها من سوريا حديثا من غير المعابر الحدودية الرسمية. الحديث عن سد ثغرات الحدود حديث مبهم كالحديث عن الصحون الطائرة ،وتكشف لنا العملية كامل الحقيقة مجددا ، وتؤكد وبما لا يدع مجالا للشك أن ازمة المخدرات تراوح مكانها، وان ما سمي ب (تغيير قواعد الاشتباك) لم يعد مجديا بدليل واقع الحال معزز بحادثة الامس، وكأن شيئا لم يكن، ولم تترك اثر ملموس في انحسار مد المتاجرة والتعاطي والادمان.
تتابع حوادث المخدرات اليومي المؤسف بذات الوتيرة خير مقيم لتجربة القواعد تلك،ويستدعي اعادة النظر باستراتيجية الرقابه على الرقابه، فالنتيجة النهائية حسب تقديراتي الخاصة كمتابع أفضت لرسوب كامل التجربة وبلا اية عوائد امنية، ولم تتحقق مكاسب مقنعة يمكن الاشارة اليها، ولقد مضى ما يكفي من الوقت لتقييم التجربة، والبحث بلا ابطاء عن الاسباب الفعلية التي لم تطالها القواعد ولا زالت قائمة بلا معالجة، ووضع الحل المناسب واعطاء المسألة صفة الاولوية والاستعجال.. لكن قبل ذلك يجب الاعتراف بحقيقة انفلات الحدود كضمان لنجاح الحل.