بقلم الدكتور أحمد الحايك - في العشرينات من القرن الماضي كا ن رجلا كهلا يسكن في احدى القرى النائية يعيش سكانها حياة بدائية بلا ماء ولا كهرباء، ولا تلفزيون ولا تلفون، ولا انترنت ولا سيارات، الا انهم رغم ذلك كانوا يعيشون حياة هادئة ونظيفة، وفي قمة السعادة، قلوبهم متآلفة، ونفوسهم مغروسة ببذور الخير والحب لبعضهم. وفي ذات يوم وفي ليلة حالكة بالظلام والناس تغط بالنوم، استيقظ اهل القرية على صوت أحد ساكنيها وهو يصيح ويصرخ بأعلى صوته "حرامي حرامي" فهب سكان القرية مسرعين نحو جارهم يستقصون الأمر، فعندما وصلوا اليه سألوه ما الأمر يا ابا فلان؟ فقال لهم : لقد سُرق حصاني، لقد سُرق حصاني.. فسأله الجيران أين كنت تربط حصانك يا ابا فلان؟ فأجابهم، كنت اربطه خارج المنزل في " الحوش" . فأخذت الناس تلوم عليه ، كيف لك أن تربط حصانك خارج البيت، هل أنت عاقل؟. فلا يجوز أن تربطه خارج المنزل، فلو كنت قد ربطته داخل "حوش" المنزل لما استطاع اللص أن يسرق حصانك، فصاح الرجل المكلوم الذي سُرق حصانه وقد لمعت نظرات جنونية من عينيه بأعلى صوته وانهار باكيا : أيها الناس لقد استنجدت بكم وصحت عليكم من أجل أن تحضروا وتلحقوا باللص وتقبضوا عليه وتحاسبوه وتعيدوا لي حصاني ، فأنتم تركتم اللص المجرم وشأنه ، ورحتم تعتبوا علي وتلوموني لأنني ربطت الحصان خارج المنزل. وهكذا حصل مع الشهيدة شيرين ابو عاقلة تركوا المجرمون القتلة الذي سفكوا دمها بدم بارد وهي ترصد انتهاكاتهم ومجازرهم ضد أهلنا في جنين، حيث كانت بين جنود مدججين بأعتى الأسلحة، حاملة روحها على أكفها من أجل فضح جرائمهم أمام العالم حيث سقطت مغشية على وجهها برصاصة جندي حاقد ومجرم اخترقت رأسها وهتكت جمجمتها، مودعة الدنيا، واختلف أهل التأويل فيما بينهم، هل يجوز أن نترحم على شيرين كونها مسيحية أم لا يجوز، وانشغلت وسائل التواصل الاجتماعي بدينها، وغفلوا عن جرم قتلها من قبل أناس عديمي الانسانية. ونسوا بأن الله هو من يحاسب الخلق ويعلم ما في القلوب. وأن المسيحي الذي يقف في وجه الظلم أفضل من المسلم الذى يبرر للظالم جرائمه.
جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له يا رسول الله " من يحاسب الخلق يوم القيامة؟ " فقال الرسول: "الله" فقال الأعرابي: بنفسه ؟؟ فقال النبي: نعم بنفسه، فضحك الأعرابي وقال: اللهم لك الحمد، فقال النبي: لما الابتسام يا أعرابي؟ فقال: يا رسول الله إن الكريم إذا قدر عفا، وإذا حاسب سامح" .