قال تعالى ( قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿161﴾ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿162﴾ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴿163﴾ ) الأنعام .
( مِّلَّةَ إبِْرَاهِيمَ حَنِيفًا ) أي الدين والسنة والطريقة المسلوكة وهي الحنف والميل عما كان يعبده قومه من أصنام، وعن أفكارهم ومفاهيمهم وتصوراتهم وعاداتهم وتقاليدهم الخاطئة الفاسدة، وهذا الحنف والميل لم يجعله من المشركين .
قال تعالى ( هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٤)) الحشر.
إن التسبيح له ثلاث صور، التسبيح الفكري، والتسبيح القولي أو اللفظي، والتسبيح العملي.
* التسبيح الفكري هو إعمال الفكر والعقل في التدبر والتفكر والتأمل من أجل معرفة الحق والحقيقة، أو التفكير من أجل إدراك عظمة الخالق أو لفهم الكون والمخلوقات، وإشغال الفكر في البحث عن الأعمال التي تقرب من ﷲ عز وجل وترضيه
* التسبيح اللفظي يكون بتنزيه الخالق عن النقائص والشهادة له بالكمال ويكون بذكر محامد ﷲ عز وجل في اللسان، وقد يكون الذكر في الصدر، أي ذكر وتسبيح باطن خفي .
* التسبيح العملي، يكون من خلال عمل المؤمن عملا في اتجاه طاعة ﷲ عز وجل لكسب حبه ورضاه، وبمعنى آخر، أن تكون حركة المؤمن في الحياة حركة متوافقة مع السنن والقوانين التي وضعها رب العالمين وأن يتجنب التصادم معها، وهو ما عبرت عنه في عدة مقالات بالطواف في فلك أفكار الرسالة .
والسبح : أصله العوم ، أي السلوك بالجسم في ماء كثير، والسباحة حركة سلسلة، كالسباحة في الماء، والمؤمن المسبح الذي تحققت فيه الصور الثلاث للتسبيح التي ذكرتها يعبر الزمن بحركة سلسلة حتى يصل إلى مرحلة المصير بآمان ويسر، بعد ما يتحقق أمنه الفكري والروحي وتزول عنه الغفلة، كما يعبر السباح المقتدر النهر من ضفة إلى ضفة.
المفكر الإسلامي/ محمد عبد المحسن العلي- الكويت.