ارتبط الحديث عن الإصلاح الذي اختاره الأردن أن يكون بوابته الواسعة لدخول المئوية الثانية لتأسيس الدولة، بضرورة أن تكتمل أضلعه الثلاثة ليكون اصلاحا نموذجيا وسليما، وذلك بتحقيق الاصلاح السياسي والاقتصادي وكذلك الإداري، ووفق ما هو ملموس على أرض الواقع فقد تحقق الاصلاح السياسي وتجسد بالكثير من الخطوات العملية، فيما تسير خطى الاصلاح الاقتصادي على درب الانجاز بشكل واضح وبخطوات عملية.
ويبقى تحت مجهر الانتظار والترقب الاصلاح الإداري الذي يدور حتى الآن في فلك الفرضيات والتسريبات غير المؤكدة والمعلومات ذاتها التي تطرح منذ سنين بهذا الشأن، تحديدا تلك الخاصة بدمج والغاء مؤسسات حكومية، تؤدي وفقا لطارحيها لترشيق الجهاز الحكومي، علما بأن إجراءات الدمج والإلغاء ليست الأولى إنما حدث في سنوات ماضية الكثير من هذه الإجراءات وطبقت على أرض الواقع، بمعنى أن هذا النهج العام سيقود لنتائج ايجابية في العملية الاصلاحية الادارية.
الاصلاح الإداري اليوم بات ضرورة، كونه سيكمل مسيرة الاصلاح الذي بدأ به الأردن هذا العام، اضافة لكونه سينقل القطاع العام بكافة مؤسساته نحو الأداء الأفضل ويدفع باتجاه رفع مستوى الخدمات الحكومية، وترشيق الجهاز الحكومي، وتمكين موظفي القطاع العام ورفع كفاءتهم لتحسين مستوى الأداء، ورفع مستوى الخدمات الالكترونية في كافة المؤسسات الحكومية، وغيرها من الجوانب التي باتت ضرورة يجب أن تدخل حيّز التنفيذ، وتخرج لحيّز العمل والتطبيق على أرض الواقع.
كثيرة هي الرؤى المطروحة لغايات الإصلاح الإداري وتطوير القطاع العام، ولكن حتى الآن ووفق معنيين بهذا الجانب لم يتخذ أي قرار بشأنها، ولا وجود لتصوّر محسوم بهذا الجانب، بينما بطبيعة الحال هناك أسس متفق عليها وإقرار بأهميتها، وأهمية وضع منظومة اصلاح متكاملة بهذا الشأن، ولكن حتى الان لم يتم الاعلان عن شكل هذا الاصلاح وآلية تطبيقه، وما يزال قيد الإنتظار والترقب، وربما الفضول سيما وأن ما يجري الحديث عنه بهذا السياق ما يزال فرضيات وتسريبات ولا جديد في تفاصيلها عن ما تم تداوله في سنوات سابقة.
الحكومة أكدت اهتمامها بهذا الملف الذي يتابعه رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة بنفسه، وتعمل من خلال لجنة وزارية مختصة لوضع صورة متكاملة ونموذجية للإصلاح الإداري الذي ينقل مؤسسات القطاع العام كافة لمرحلة متقدّمة في العمل الإداري المتطوّر وفقا لأفضل الممارسات الخاصة بهذا الشأن، باشتراط أن أي خطوات تطويرية وتحديثية لن تمس موظفي القطاع العام وحقوقهم، بل على العكس ستتجه نحو تطوير مهاراتهم، وهذه مسألة هامة في التطوير الاداري.
ما يزال الانتظار والترقب يحيطان هذا الجانب الاصلاحي الهام، وتساؤلات برسم الإجابة عن شكل الاصلاح الإداري الذي سيطبق ونتائجه، في ظل قطع أشواط واسعة في الاصلاح السياسي والاقتصادي، وحتما النتائج ستكون بقدر البحث والدراسات التي أجريت بكل ما من شأنه تطوير القطاع العام بكافة مؤسساته، وتحقيق اصلاح اداري بحجم مسيرة الاصلاح التي تسير بدربها المملكة، فالاصلاح الإداري قادم.