عاهد الدحدل العظامات - إن الإستقلال ليس ذكرى عابرة تمر على الاردنيين في كل عام يوم وحسب, وإنما الإستقلال حالة وطنية نُفاخر بها أنفسنا والعالم ونعيشها في كل يوم مُستذكرين تضحيات الأباء والأجداد الذين قدموا أجسادهم وأرواحهم
في سبيل الأردن الذي يعتبرون ترابه أغلى من أنفسهم. ولأن الإستقلال كان ثمنه أرواح وجِراح فمن حقنا وواجبنا ووفاء للدماء الزكية أن نُعظّم هذه الذكرى الوطنية الخالدة العالقة في ذهن كل اردني حرّ غيور على الأردن أرضاً وسماء.
الاردن هذا البلد الصغير إستطاع على مر تأسيس الدولة وإستقلاليتها أن يقف صامداً في وجه كُبرى التحديات وتجاوزها بالإدارة الرسمية الحصيفة والصبر والتماسك الشعبي الإصيل. ولطالما دفع ثمن مواقفه العربية والقومية ولم
يتوانى في الدفاع عن قضايا الأمة وعلى سُلم أولوياتها القضية الفلسطينية, فتبناها ودافع عنها بكل شراسة حتى صار النِد المباشر لدولة الكيان, ولا يزال وسيظل يقوم بواجبه في حراسة المقدسات والذود عنها من منطلق وصايته الهاشمية عليها.
الاردن هذا البلد محدود الموارد وشحيح الإمكانات شرّع أبوابه وإستقبل آلاف الهاربين من ويلات الحروب, ليُطعمهم من جوعٍ ويأمنهم من خوف ولا يزال يقوم بدوره الإنساني والعروبي تجاه كل قاصد ومستجير رغم كل التحديات
والأوضاع الإقتصادية والتي فرضت حالة صعبة يعيشها اليوم.
لقد جاء الخطاب الملكي في يوم الإستقلال يحمل مضامين هامة لإنطلاقة جديدة مُهمة لا بد أن نبدأها في أسرع ما يُمكن من وقت ودون تباطئ أو تأخير, فجلالة الملك يعي تماماً ما حجم الضغوطات التي يواجهها الشعب الاردني وما أهم المشكلات التي تضغط على العصب الشعبي. حيث القادم سيكون مُلكاً للشباب كما جاء في الخطاب, في تأكيد ملكي على أهمية دور الشباب والإستفادة من خبراتهم والبناء على قدراتهم وإستغلالها في المرحلة القادمة لصناعة واقع مغاير عمّا نحن فيه اليوم ليكون الغد يليق بكل اردني. فالمرحلة المقبلة ستتحوّل فيها التحديات إلى فرص, فالملك صارم وحازم في خطابة ويريدها إنطلاقة جديدة ننسى من خلالها الماضي ونستشرف المستقبل متوكلين في ذلك على الله عز وجل وعلى إرادتنا الاردنية الصلبة.
الفقر والبطالة هما أكبر مشاكلنا التي تعصف اليوم بنا وتضييّق عيشنا وتُحبط آمال شبابنا وهذا ما ركز عليهما الخطاب وأوجدت الإصلاحات التي دُشنت أخيراً لهما حلولاًوقد أكد الملك على ترجمتها إلى أرض الواقع في رسائله وخطاباته الأخيرة. فهما أولوية لا حياد عنها وهُما الهم الأعظم الذي يشغل بال الملك والشعب معاً.
76 عاماً من الإستقلال الذي ننعم ونفاخر به ولا بد أن يكون الأستقلال محفّزاً لنا كأردنيين للأستمرار في بناء وطننا والبقاء معه في كل ظروفه..فبالإرادة والتصميم نتجاوز تحدياتنا وبالمثابرة نحقق غاياتنا ونُعلّي شأن وطننا.
كل عام والاردن بقيادته وشعبه بألف ألف خير