مهدي مبارك عبد الله - في محاولة فاشلة لحكومة الاحتلال الإسرائيلي أصدرت احدى محاكمه الصورية المسيسة يوم الاحد 22 /5 / 2022 أحكام تعسفية ظالمة بحق خمسة من الأسرى الفلسطينيين المشاركين في عملية الفرار بتاريخ 6 / 9 / 2021 من سجن جلبوع قرب بيسان شمال فلسطين المحتلة الأكثر حراسة في إسرائيل فيما لم تنعقد محكمة الأسير زكريا الزبيدي
خلاصة الاحكام الانتقامية الإسرائيلية قضت بالسجن الفعلي مدة 5 سنوات و8 أشهر وغرامة مالية قدرها 5 آلاف شيكل لكل من محمود ومحمد العارضة وأيهم كممجي ويعقوب القادري ومناضل نفيعات وجميعهم من محافظة جنين إضافة الى الحبس 4 سنوات وغرامة 2000 شيكل لكل من ساعدهم من الاسرى الاخرين في عملية الهروب
حكومة الاحتلال تهدف من خلال هذه الأحكام المغلظة الى التغطية على فشلها الذريع الذي منيت بها بعد تلك الضربة المؤلمة التي اثبتت ضعف وهشاشة أجهزتها الأمنية بالإضافة الى رغبتها في الحفاظ على بعض ماء وجهها أمام جمهور المستوطنين ومحاولتها كسر إرادة الاسرى وبث الرعب والخوف في نفوسهم واضعاف معنوياتهم وتحطيم عزائمهم
ابطال نفق الحرية واجهوا هذه الأحكام الهزلية داخل قاعة المحكمة بصلابة وعنفوان وابتسامات عريضة من التهكم والسخرية والثقة العالية بأن المقاومة وعدت أن يكونوا على رأس قائمة أي صفقة تبادل قادمة وفي ذلك إشارة منهم للاحتلال وقضاته أن قراراتهم الجائرة لن تجبرهم على الركوع والاستسلام في مواصلة طريقهم المشروع لانتزاع حرياتهم والخروج من غياهب السجون والتي هي جزء من عقيدتهم الراسخة في الدفاع عن الأرض والهوية وتحقيق الحرية وإنجاز الاستقلال مهما كلف الثمن وغلت التضحيات ومهما تعززت السجون بالحراسات الأمنية المسلحةً والمشددةً بمئات الجنود وأحدث وسائل السيطرة وتقنيات المراقبة ستبقى واهية وعاجزة امام ارادتهم الصلبة
لا يخفى على أحد ان جهاز القضاء الإسرائيلي وفي مخالفة صريحة لمبادئ القانون الدولي يعتبر جزء اساسي من منظومة الاحتلال حيث يلعب دوراً مركزياً في الحرب على الشعب الفلسطيني في ممارسات التطهير العرقي المستمرة بحقه واضفاء الغطاء القانوني على انتهاك حرياتهم وسلب حقوقهم ومصادرة املاكهم دون وجه حق في دولية لقيطة طبيعتها الأصلية تقوم على العنصرية والقمع والإرهاب
رغم كل ما تدعيه امام العالم بأنها كيان عصري وحضاري وديموقراطي حيث لا يزال الاسرى الستة منذ إعادة اعتقالهم يدفعون ثمن عمليتهم من حياتهم وأعمارهم وزهرات شبابهم بسوء المعاملة والانتهاكات والحرمان والحبس الانفرادي في ظروف غير انسانية قاسية جدا على صحتهم ونفسيتهم خاصة وأن غالبيتهم بالأساس محكومين بالسجن المؤبد مدى الحياة وزيادة أو نقصان خمس سنوات منها او عليها لن يؤثر عليهم شيئا ولن يرضخوا للضغوط او يقبلوا التراجع أو الهزيمة
إسرائيل منذ احتلاله ارض فلسطين لا تنفك عن ممارسة العنصرية القضائية ضد الفلسطينيين في اراضي عام 1948من خلال تشريعاتها المتناقضة حيث فرضت الحكم العسكري لمدة خمسة عشر عام واستحدثت القوانين العنصرية التي شملت كافة مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مسعى منها لطرد وتهجير ما تبقى منهم في أرضة بعد النكبة
وفي الضفة الغربية واقع الفلسطينيين امر وادهي حي يتم قتلهم واعتقالهم وسجنهم ومصادرة ممتلكات اي فلسطيني في القدس لمجرد أنه يتواجد في الضفة الغربية ناهيك عن اعمال الهدم ومصادرة الأراضي لبناء المستوطنات والمعسكرات والسؤال المطروح هنا هل يجرؤ أحد في إسرائيل على مصادرة أملاك اي مستوطنين أو جنود يعيشون في مستوطنات الضفة في حال كانت هذه الأملاك في القدس
المحكمة العليا في إسرائيل تقوم بدور المحكمة الدستورية في شرعنة القوانين العنصرية الموجهة حيث ظلت دوماً سيفاً مسلطاً في يد سلطات الاحتلال على رقاب الفلسطينيين لحرمانهم من حقوقهم الوطنية ولإضفاء شرعية قانونية على الواقع البائس الذي تسبب به الاحتلال ضمن سياسات الفصل العنصري والتجبر العسكري وتعزيز مشروع الاستعماري حتى بدون غطاء قانوني القضاء الإسرائيلي يجيز سجن الفلسطينيين بعد الموت باحتجاز جثامين الشهداء منهم على مدار عقود من الصراع العربي الإسرائيلي وهو ما لا يوجد له نظير في العالم كله
إصدار محكمة الاحتلال الاحكام الإضافية الجديدة بحق أسرى الحرية من سجن جلبوع يشكل دلالة إضافية كبيرة تثبت عنصرية ووحشية الاحتلال الاسرائيلي الذي يصر على نسف كافة القيم الإنسانية والمواثيق الدولية بحق الأسرى خاصة والشعب الفلسطيني عامة بمنعه من تقرير مصيره وتحقيق استقلاله من خلال تقويض أسس السلام العادل وتطبيق المواثيق والقوانين والمعاهدات الدولية بسبب انعدام المساءلة والمحاسبة واستغلال دولة الاحتلال صمت المجتمع الدولي والتواطؤ الأمريكي والغربي على عدالة القضية الفلسطينية
من المؤكد ان هذه الأحكام لن تنال من إرادة وصمود هؤلاء الاسرى الأبطال وغيرهم من اقرانهم الذين صنعوا المستحيل وحطموا بإيمانهم المنظومة الصهيونية وهم يواجهون يوميا احتلالا مجرما لا يأبه بالقوانين والأعراف الدولية والإنسانية حيث يحتجز المئات في سجونه بدون أي تهمة أو محاكمة ناهيكم عن تعليمات القتل غير الشرعية بحق المدنيين الفلسطينيين العزل والابرياء
لكم تشرفنا برؤية اسود سجن جلبوع وهم شامخون امام القاضي والسجان في المحكمة تعلو أصواتهم وتضج ضحكاتهم وكأن واقع حالهم يقول للمحتلين ( لا يهمنا قراركم بعدما صنعنا المستحيل واستطعنا أن نخترق اجهزتكم الأمنية وسجونكم المحصنة ووجهنا لكم صفعة قاسية ومؤلمة في عقر دياركم وما كان بالنسبة لدويلتكم وأجهزتكم مستحيلًا نحن وصلنا إليه )
حرية الأسرى والاسيرات الذين يسطرون في كل يوم أروع معاني التضحية وهم يرفعون شعار الحرية والكرامة من أجل شعبهم ونصرة لقضيتهم العادلة واجب وطني وشرعي واخلاقي من هنا لابد من ضرورة التحرك على المستوى الرسمي لنقل ملف الأسرى إلى محكمة الجنايات الدولية لملاحقة ومحاسبة قادة الاحتلال كما يجب على السلطة الفلسطينية تفعيل قنواتها الدبلوماسية في فضح الجرائم المرتكبة بحق الأسرى وتحميل الاحتلال المسؤولية الكاملة بالمساس بحياتهم
خصوصا المرضى والمضربين عن الطعام منهم الذين يواجهون بالموت صلف السجان وعنجهيته رفضاً لاعتقالهم الإداري وفي مقدمتهم الاسيرين خليل عواودة ورائد ريان ولا بد أيضا من مطالبة المؤسسات الحقوقية الدولية بالضغط على حكومة إسرائيل لوقف انتهاكاتها بحق الاسرى حيث تمارس أبشع أنواع الظلم بحقهم وتحرمهم من أبسط حقوقهم التي كفلتها القوانين والمواثيق الدولية
يذكر ان الجهاز القضائي في إسرائيل واجه قبل عدة شهور فضيحة مدوية بعدما أعلنت الشرطة فتح تحقيق في تعيين قضاة مقابل إقامة علاقات جنسية حي بدأت حملة اعتقالات لموظفين في القطاع القضائي فيما جري التحقيق مع قضاة في المحكمة العليا بشأن فضيحة أخرى تتعلق بالتعيينات
نقول بكل ثقة واهم الاحتلال الإرهابي وقضاته المحرمون ان ظنوا انهم بهذه الاحكام يستطيعون قتل الروح الثائرة في نفوس الاسرى فقد غاب عن بالهم وعن بال كل من عاونهم وساندهم وهادنهم وطبّع معهم واقتفى اثرهم بأن الشعب الفلسطيني قد استحدث حصريا جينا وطنيا اورثة لأبنائه جيل بعد جيل اسمه حق المقاومة حتى العودة وتقرير المصير وقد غاب عن الصهاينة ومن والاهم ان يتذكروا جيدا بأن من يكتب التاريخ هم العظماء والشرفاء وليس حفنة رَثة موتوره أدمنت الخيانة والعهر والأفيون
معركة السجون والأسرى منتصرة لا محالة والمطلوب رفدهم شعبيا بتصعيد المقاومة بكل الطرق والوسائل التي تؤلم الاحتلال البغيض وتمنع أمنه واستقراره إضافة الى العمل المنظم والممنهج المقترن بالدعم السياسي والدبلوماسي والقانوني محليا وعالميا واننا نبشر الاسرى الابطال الستة بقرب حريتهم ومعهم القيادي عبد الله البرغوثي صاحب أطول أحكام بالمؤبد والقيادي في حركة فتح مروان البرغوثي وكذلك الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات والعديد من الأسماء القيادية والنضالية الأخرى التي لا يتسع ذكرها بالإضافة الى جميع الاسيرات وليعلموا ان المقاومة نفسها طويل في المفاوضات غير المباشرة مع الاحتلال ولديها كل أوراق القوة والضغط لتحقيق شروطها بل وفرضها لأطلاق صراحكم
وحتى لا ينفرد الاحتلال بالأسرى يجب على الشارع الفلسطيني بكل اطيافه وقواه وفصائله المسلحة ومنظماته المدنية ان يثور وينتفض نصرة لهم على الأرض عبر تنظيم الفعاليات التضامنية في مراكز المدن وأمام مقار اللجنة الدولية للصليب الأحمر وفي العالم الافتراضي على مواقع التواصل المختلفة بالتغريد على وسم نريد ابطالنا و ( قرارنا حرية ) من اجل إطلاق عملية نضالية شاملة تستند إلى عمل جماعي رفضا للتسليم بروايات وإجراءات الاحتلال العنصرية والحبس غير القانوني
نحية الإجلال والإكبار لجميع الاسرى والاسيرات أصحاب النفوس الأبية والنماذج المشرفة لشعب فلسطين وأمتنا العربية والتقدير والاعتزاز لعوائلهم الصابرة فيا أيها الابطال إن صمتت مدافع الأنظمة الرسمية فلن يصمت ( الكارلو والسكين والساطور والفأس الفلسطيني ) ولا الأقلام والحناجر الوطنية الحرة فلا تهنوا ولا تخزنوا والله معكم واحرار العالم الشرفاء إلى جانبكم ندعوكم للتماسك بالأيمان والصبر والثبات على الامل والثقة بمقاومتكم الباسلة وشعبكم العظيم
النصر قريب بأذن الله وفي النهاية سيرضخ الاحتلال الجبان كعادته لمطالب المقاومة وتكونوا على رأس قائمة المفرج عنهم في صفقة التبادل المرتقبة واعلموا ان الحياة وقفة عز في خندق المقاومة والعدالة لمواجهة من يسفكون الدماء ويسرقون الأرض والهواء والمِياه والبحر ويقتلعون الزيتون ويذلون المرضى وكبار السن ويعتدون على النساء والشباب والأطفال أمام المعابر ولا يتعاملون معهم كبشر لأنهم صهاينة عنصريون وجلّادون نازيون ومحتلون فاشيون وارهابيون طغاة
mahdimu.barak@gmail.com