زاد الاردن الاخباري -
كشفت مصادر نقلت عنها "قدس برس" دون تسميتها، اليوم الاثنين، أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، لم يعد قادرًا على القيام بمهامه بالشكل المطلوب.
ورغم مسارعة عدد من قيادات حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" لنفي ما نشر من معلومات عن تدهور صحة عباس، إلا أن المصادر أكدت إصابته بإرهاق بعد زيارة وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي، مما أبعد الرئيس ليومين - على الأقل - عن مقر الرئاسة (المقاطعة) في رام الله وسط الضفة الغربية.
من جهة أخرى، أكد شهود عيان أنهم يشاهدون موكب الرئيس عباس وهو يتحرك يوميًا من بيته إلى مقر الرئاسة "وسط حراسة أمنية مشددة جدًا"، وكلاهما يقعان في مدينة البيرة.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قد خضع مؤخرًا، لمجموعة فحوصات طبية في العاصمة الأردنية عمان، كما أنه يجري فحوصات -لا يتم الإعلان عنها، خلال زيارته لأي دولة أوروبية.
وأوضحت المصادر التي نقلت عنها "قدس برس" أن قضية مرض الرئيس - وإن كان جزء منها صحيحًا - إلا أنها تندرج في إطار "المناكفات العنيفة والخلافات الداخلية العميقة التي تعيشها حركة فتح"، والانقسام الحاد الذي يسود اللجنة المركزية للحركة، والذي امتد ليطال اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، خاصة بعد تعيين عباس لحسين الشيخ في منصب "أمين سر اللجنة التنفيذية"، ما يرشحه لتولي منصب الرئاسة حال غياب عباس لأي ظرف.
وأصدر عباس أواخر شهر أيار الماضي، قرارًا يقضي بتعيين حسين الشيخ بمنصب أمين سر للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، خلفًا للقيادي الفلسطيني الراحل صائب عريقات.
بدوره، كان عضو المجلس الثوري لحركة "فتح"، عبد الإله الأتيرة، قد أكد أن عباس "يتمتع بصحة جيدة، ويجري اتصالاته ويتواصل مع المسؤولين"، مشيرًا إلى الاتصال الذي أجراه مع الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون قبل يومين.
وادعى أن "الإشاعات المنتشرة يراد منها زعزعة الوضع الداخلي، فهناك جهات ترغب في إرباك الساحة الداخلية عبر ترويج إشاعات تتعلق بصحة الرئيس" على حد تعبيره.
لكن سرعان ما عاد ملف صحة عباس إلى الواجهة، بعد نشر هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، أمس الأحد، خبرًا قالت فيه "إنه تم تكليف أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ ببعض المهام الجوهرية لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بسبب ظروف صحية".
فيما سارع الشيخ، إلى نفي ما ورد في "بي بي سي" عبر تغريدة على حسابه في "تويتر"، قائلاً إن "لا صحة للأخبار الصفراء المتداولة حول صحة الرئيس محمود عباس، وهو يتمتع بصحة جيدة، ويزاول عمله كالمعتاد، وما يروج له الهدف منه العبث بالوضع الداخلي الفلسطيني" على حد قوله.
وشددت المصادر على أن المؤشرات تفيد بوقوف قيادات "وازنة" من حركة "فتح" و"منظمة التحرير" وراء نشر أخبار تتعلق بتردي صحة عباس.
وأوضحت أن تعيين حسين الشيخ في منصبه الجديد شكل "ضربة قاصمة" لهذه القيادات، ما سد الطريق أمام فرصها بالصعود واعتلاء كرسي الرئاسة عقب وفاة عباس.
من الجدير ذكره قضية خلافة عباس ظهرت بوضوح في أيار من العام 2018، عندما أُدخل على كرسي متحرك إلى المستشفى الاستشاري برام الله، بعد أن تبينت إصابته بـ"التهاب رئوي" على الجهة اليمنى، كما خضع للمراقبة في قسم القلب.
وتجري خلف كواليس السلطة، منذ ذلك الحين، "معركة ضارية" تتعلق بخلافة عباس، إذ تعتقد قيادات من الجيل القديم بأحقيتها في الجلوس مكانه، أمثال نائب رئيس "فتح" محمود العالول، وأمين سر اللجنة المركزية لـ"فتح" اللواء جبريل الرجوب، واللواء توفيق الطيراوي الذي قاد جهاز المخابرات العامة لأكثر من عقدين من الزمان، إضافة إلى عضو مركزية "فتح" وممثل منظمة التحرير في لبنان سابقًا عباس زكي، وآخرين.
ويرى محللون أن القرار في المنظومة الحاكمة بيد أشخاص لا يزيد عددهم على أصابع اليد الواحدة، أبرزهم الشيخ، ورئيس جهاز المخابرات الحالي ماجد فرج، ومديرة مكتب عباس انتصار أبو عمارة، وهم نفسهم الذين مهدوا الطريق لوصول الشيخ إلى منصبه الحالي.
من جهة أخرى، يولي الاعلام العبري اهتمامًا كبيرًا بصراع خلافة عباس، ويفرد له مقالات وتقارير تحليلية لتوقع المستقبل الذي بات الجميع يراه قريبًا.
وأوردت صحيفة /يسرائيل هيوم/ العبرية، في تقرير لها أن "الإحباط والغضب اللذين يسودان حركة فتح التي يقودها عباس، إثر قراره بتعيين الشيخ في منصبه الجديد (أمين سر فتح)، تحولا إلى تمرد على سياساته وحكمه المطلق".
وأضافت أن "متمردي فتح يدّعون بأنهم يدفعون ثمن أخطاء أبو مازن، وينظرون إلى التنسيق الأمني المستمر مع إسرائيل على أنه خنوع وسياسة عديمة الجدوى تضعف الحركة سياسيًا في الساحة الفلسطينية" وفق ما أوردت الصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى أن "أحداث المسجد الأقصى واقتحام قوات الاحتلال له فاقمت من الضغوط التي تمارس داخليًا على عباس".
وأوضحت أن "بعض قادة الحركة دعوا في اجتماع تنظيمي في أعقاب تنظيم مسيرة الأعلام (في القدس المحتلة يوم 29 أيار الماضي) إلى إنهاء التنسيق الأمني"، وأضافت قولهم "إن عليهم القيام بخطوة تاريخية لإثبات أنهم القيادة الفلسطينية".
فيما اعتبرت الصحيفة أن "رسائل التهديد" التي أرسلها عباس للأمريكيين مؤخرًا، تأتي في إطار سعيه إلى "احتواء الاضطرابات داخل فتح".
وكان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قد قال، الثلاثاء الماضي، في اتصال مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن الرئاسة بصدد اتخاذ إجراءات (لم يوضحها)، في ظل عجز المجتمع الدولي عن إرغام "إسرائيل" الامتثال لقرارات الشرعية الدولية، ووقف ممارساتها، وفي ظل الصمت الأميركي على هذه الممارسات.