عاهد الدحدل العظامات - كما يدّعي بعض طلبة جامعة التكنولوجيا في شمال الاردن وحسب روايات وأدلة المُتضررين منهم أن مُدرساً في الحرم الجامعي حاول مراراً ولعدة سنوات سابقة التصرف بشكل غير لائق مع طالباته ومحاولته إغرائهن والضغط عليهن بمادته وعلاماتها للإنصياع لرغباته وشهواته. هذا يحدث في جامعة! لا أصدق, ومن مدرّس جامعي! أيضاً لا أصدق. ولكن في ذات الوقت لا شيء من هذا القبيل يُستبعد حدوثه, ولا أستبعد أن تخرج هذه التصرفات الغير لائقة من مدرّس جامعي إذا ما فعلها حقاً. إذ أنني لا يمكنني الجزم بإصدار حكم مسبق قبل بيان نتائج اللجنة التي شُكلت في الجامعة للتحقيق في القضية. وهُنا إما أن تُفضي التحقيقات نتائجها إلى تُبرأته من التهم المُسندة له من قبل المتضررين وهذه مصيبة لأن في ذلك سنكون أمام حالة إنتقامية تنمريّة فريدة من نوعها يفتعلها طلبة جامعة ضد مدرسهم لأسباب تدريسية وشخصية, وهذا وارد فالجميع يُدرك أن العلاقة بين الطالب والمُدرس ليست صحيّة دائماً. وهذا يترتب عليه تبعات قد تطال الطلبة الذين أثاروا القضية للرأي العام الاردني وحتى العربي. وفي سياق آخر وهو الكارثي على منظومة الأخلاق والتعليم على حد سواء إن ثبت على المدرّس هذه التهم والأفعال التي لا تتماشى مع عادات وتقاليد مجتمعنا الاردني وحتى العربي. وهذا أيضاً سيترتب عليه تبعات قانونية وعقابية بحق هذا المُدرّس. في كل الأحوال ننتظر نتائج التحقيق لنرى من هو المتحرّش الحقيقي.
الخاسر الأكبر من هذه القضية سمعة التعليم في الاردن والذي لطالما كان نوراً يهتدي به ويقصده طالبي العلم والتعلم محلياً ومن مختلف دول العالم والمشهود بسمعته وتطوره والمحاولات الدائمة للنهوض به. الواقعة في الجامعة إنتشرت كالنار في الهشيم وأصبحت متداولة عربياً لأن الحادثة وتفاصيلها نادراً ما تحدث وتظهر إلى العلن خصوصاً وأن أحد أركان القضية والمتهم فيها ومن قام بفعل كهذا مدرّس ودكتور جامعي يُفترض أن يكون قدوة في الأخلاق..فأمثال هؤلاء إن وجدوا في جامعاتنا ومدارسنا عبء على مسيرة التعليم وسبباً في إنحدار الإخلاق والعملية التعليمية إلى الحضيض.
التحرّش تصرف سيء لكنه ليس غريباً على مجتمعاتنا فهو موجود ويحدث كل يوم, لكنه يقع في أماكنه وله ودوافعه العديدة. فلو أن واقعة التحرّش هذه التي وقعت في الجامعة لو أنها حصلت مثلاً في الشارع العام أو في حافلة نقل عام أو في أي مكان آخر غير الجامعة لما كانت القضية لاقت كل هذا الصدى من الغضب والتداول. الدور الكبير يقع على الوزارات المعنية في ملف التعليم في الأردن لأدارة هذا الملف بالشكل الذي يضمن تطويره وتطهيره من هذه العينات حتى نضمن عدم تنامي هذه الحالات الفردية المُسيئة للتعلم قبل أن تصبح ظاهرة تؤدي به إلى الهاوية