المواطن قد يعمل لـ 24 ساعة متواصلة ويتصبب عرقا ويصاب بضربات شمس، لكي يؤمن رغيف الخبز.
علاقة تبعية لرغيف الخبز، وليست تكاملية. وغالبا ما يكون المواطن ضحية لمسافة شاسعة ما بين المواطن والدولة والتعايش، ومفهوم المواطن والرعايا، وكما ذكرها المفكر علي عبدالرزاق في كتابه الشهير مواطنون ام رعايا، وذلك ضمن نسق السؤال ما بعد رغيف الخبز والعطل السياسي ما بين الفرد والدولة.
رغيف الخبز ما زال سؤالا عالقا وجوهريا في علاقة المواطنة ومفهومها.. فاما رغيف الخبز ويجرد المواطن من بقية الحقوق الطبيعية الانسانية.
تقايض رغيف الخبز بحق التعبير والرأي وحق الحياة الكريمة وحقوقك السياسية والطبيعية.. صراع بيولوجي، الحسم يبدأ في مفهوم حرية وكرامة الانسان.
مفكرون كثر تطرقوا الى اشكالية الحرية والضرورة، وايهما الاول، وفي تحديد الاولوية. الانسان يعيش ليأكل ام يأكل ليعيش.. من هنا، اذا ما وجدت اجابة فان المواطنة تعرف ما بين تبعية رغيف الخبز والحرية الملحة.
وكيفما يثق في مواطن جائع وفاقد لابسط شروط الحياة الكريمة، بان يذهب لصندوق الاقتراع ويختار نائبا او ممثلا له؟!.
سد الجوع هو الاولى، ولا ميقات مع السياسة واصلاحاتها ومواعيدها الموسمية، فما دام المواطن ينبض في سرائره جوعا وفاقة، وما دام حسرته اليومية بانتظار نزول الراتب المتآكل في الصراف الالي.
في السجالات السياسية، وما ولد من حركات شعبية، فاول ما رفع المتحجون صور رغيف الخبز. وفي الواقع، حرية التعبير لماذا تتوفر ان تحول رغيف الخبز الى سؤال وعنوان في عارض اجتماعي يعج في مستنقع الفقر والتهميش والفاقة.. وايما جملة سياسية مبتدأ قولها ورأسها كلمة عن لقمة العيش والرغيف الحاف، فما بالكم سيكون منطوق الخبر!.
يكافح الناس من اجل لقمة العيش، ويكافحون من اجل الكرامة والعيش الكريم.. ولا حرية وكرامة دون رغيف خبز.. الثورة البلشفية قامت من اجل رغيف خبز وانهارت بسبب رغيف خبز.
كل الوصفات التجميلية في السياسة لا يحتاجها الفقير، فهو لا يحتاج الى ديمقراطية واقتراع نزيه، وحرية تعبير وحرية رأي وحرية معتقد، وشاشات ملونة، وما دام رغيف الخبز في قفص السؤال.