زاد الاردن الاخباري -
يشكل الانزعاج الجسدي غير المبرّر علامة على وجود مشاكل انفعالية لم تتم معالجتها، حيثُ تؤثر الصحة البدنية على جودة حياة الشخص، حسب أطباء وعلماء نفس الذين ينصحون بفحص الصحة البدنية بشكل متكرر.
”أعتقد دائمًا أنني مريض“.. هي عبارة يقولها بعض الأشخاص الذين لا يستطيعون العثور على جذر مشكلتهم الصحية.. وفي هذه المرحلة، من المحتمل جدا أن لا يجدوا تفسيرًا عضويًا لحالتهم فيطلبون آراء أخرى.
ويعتبر شعور الشخص بالمرض طوال الوقت، حتى بعد مراجعة أخصائي، مؤشرًا محتملًا على وجود مشاكل نفسية، ما يدعو للنظر إلى بدائل مختلفة، وفقًا لدراسة نفسية نشرها موقع ”أفكارنا“ الفرنسي، اليوم الإثنين.
ويُصاب بعض الأشخاص بقلق غير طبيعي بشأن صحتهم، حيث تتداخل الأفكار المرتبطة بالصحة مع نوعية الحياة، فقد يتوقف بعض الأشخاص، الذين يعتقدون ذلك، عن التواصل الاجتماعي خوفًا من الإصابة بمرض خطير، وقد يواجهون مشاكل في العمل، وفي علاقاتهم، وبشكل عام مع نوعية حياتهم.
وترافق عبارة ”أعتقد دائمًا أني مريض“ مشاعر معقدة، مثل الخوف والقلق، إلى حد الهوس أحيانًا.
وتصبح هذه المشاعر جزءًا من الحياة اليومية، وعلى المدى الطويل قد تؤدي حالة التوتر المستمر إلى حدوث حالات خطيرة.
الهذيان الوهمي
الهذيان الوهمي اضطراب سيكولوجي يتميز بوجود واحد أو أكثر من المعتقدات الوهمية، ويعني ذلك تغير الطريقة التي يدرك بها الشخص نفسه والعالم، وهو ما لا يمكن تغييره حتى عند تقديم أدلة على عكسه.
ويظهر الهذيان الوهمي بوضوح، لأن أولئك الذين يعانون منه يعيشون مع الاعتقاد الوهمي بأن لديهم مشكلة خطيرة، ويخضعون لفحوص طبية بشكل متكرر.
ورغم النتائج الطبيعية، إلا أنهم يظلون مقتنعين بمرضهم، وفي بعض الحالات قد ينتهي بهم الأمر باللجوء إلى المداواة الذاتية أو الخضوع لإجراءات طبية قد تفاقم حالتهم المَرضية.
ويدفع من ناحية أخرى، حجم المحتوى الموجود على شبكة الإنترنت بالأشخاص الذين يعانون من تلك الأعراض إلى البحث عن التشخيص عبر الإنترنت.
وأظهرت دراسة أجراها ”Eichenberg and Schott“ أن الأشخاص الذين يعانون من وسواس المرض غالبًا ما يستخدمون الإنترنت للبحث عن المعلومات الصحية، كما يفكرون في البدائل، مثل شراء الأدوية التي لا تتطلب وصفة طبية، وتغيير الأطباء بشكل متكرر.
اضطراب القلق
ويرتبط الاعتقاد الدائم بالمرض باضطراب القلق، إذ إن الأشخاص الذين يتعقدون بمرضهم يعانون من قلق مفرط وغير متناسب مع حالتهم الصحية، إذ إنه في أذهانهم يتصوّرون أنهم معرّضون لخطر كبير للإصابة بمرض خطير، أو قد يعتقدون أنهم مصابون به بالفعل، وبالتالي فإنهم يطوّرون سلوكيات مختلفة، مثل فحص أجسادهم باستمرار، أو تجنب زيارة الطبيب.
ويتجلى اضطراب القلق المرتبط بالمرض حتى دون ظهور أي عرض جسدي يمكن أن تكون علامة تحذير، وعندما تكون هناك أعراض حقيقية فهي عادة ما تكون خفيفة ويكون القلق الذي يشعر به المريض غير مساو مع العرض.
وفي حالة اضطراب القلق لا يوجد سلوك هذياني، وبالتالي يمكن للشخص أن يفكر في إمكانية عدم إصابته بالمرض وهكذا يتم تعديل مخاوفه بشكل أكبر، على عكس الهذيان الوهمي الذي قد يقود الشخص إلى الاعتقاد بأن كبده يتعرّض للتعفن.
الاكتئاب
يمكن ربط اعتقاد الشخص بأنه مريض دائمًا بقلق انفعالي لاواعِ – جزئيًا أو كليًا، وتشير الدلائل إلى أن مرضى الاكتئاب غالبًا ما يراجعون الخدمات الصحية بشكاوى من انزعاج جسدي.
ويختبئ المزاج المكتئب وراء أعراض مختلفة، يكون الألم فيها أحد أكثر الأعراض شيوعًا.
الحلول المُقترحة
عندما تبدأ مخاوف الصحة الجسدية في التأثير على جودة حياتنا، فلا بد مراجعة طبيب نفساني مؤهل لتقييم الموقف وإجراء التشخيص الملائم.
وفي حالة أعراض الوهم المرضي يعتبر القبول والالتزام بديلاً جيدًا، حيث أظهرت نتائج لمقال يتحدث عن أثر تلك الطريقة على النساء المطلقات المصابات بالوهم المرضي، عبر موقع ”إيري وأَلْ Iri et al“، أن هذا العلاج يقلل من أعراض الهذيان الوهمي ويحسن التنظيم الانفعالي.
وإذا كان الوضع مرتبطًا بسياق اكتئابي فإن التدخل العلاجي سينصب على خطورة هذه الحالة، في حالة النوبات الكبرى يوصي الأخصائيون باستخدام مضادات الاكتئاب لتحسين الحالة المزاجية، جنبًا إلى جنب مع العلاج النفسي، بينما في النوبات الخفيفة قد يكون العلاج النفسي تدخلاً كافياً.
وأكد الموقع الفرنسي في نهاية تقريره أهمية العناية والاهتمام بالانفعالات تمامًا كما هو الحال بالعناية بالصحة الجسدية، وأنه يجب مراجعة أخصائي عن الشعور الدائم بالمرض، لأن القلق الانفعالي يمكن أن لا تقل آثاره المدمرة عن آثار أي مرض عضوي.