حسين الرواشدة - االمنطقة، كما تبدو، مقبلة على “زلزال” خطير، شظاياه ستصلنا، وسواء أكنا طرفا بأي تحالف أم لا، فإننا سنتأثر بما سيحدث، فهل جهزنا أنفسنا للتعامل مع هذه الاستحقاقات، وهل نملك من الخيارات والأوراق السياسية للتأثير، او على الاقل لتقليل الخسائر التي سندفعها، ثم هل لدى بلدنا ما يلزم من “الوسائد السياسية” الموثوقة، اقليميا ودوليا ليستند اليها، وهل لديه “الظهير” الداخلي الوطني المحصن من عدوى الانقسام والتشتت؟
هذه الاسئلة كلها لم نسمع اجاباتها من المسؤولين حتى الآن، كما اننا لم نلمس ما يطمئننا – كمواطنين- بأننا نقف على ارض سياسية صلبة، ما يعني ان ما نواجه به الجمهور سيكون مجرد تخمينات لا تستند الى معلومات او وقائع، كما ان كل ما نراه ونسمعه هو مجرد “طلاسم وألغاز”، يصعب التعامل معها بمنطق التحليل ناهيك عن الفهم.
بصراحة، يجب ان نقول للحكومة اننا – كصحفيين واعلاميين- لا نستطيع مواجهة اسئلة الناس، او توجيه الرأي العام في غياب الصراحة وتوافر المعلومات، واذا كان السياسي يفاجئنا بأنه لا يعرف، فإن المشكلة ليست بالإعلام، وانما بانقطاع التواصل معه، او في تركه يخوض معركته وحيدا، بما يمليه عليه ضميره الوطني، لكن دون ان يستند الى مصادر يبني عليها روايته، او مواقفه مما يحدث.
الآن، بمقدورنا ان نفتح عيوننا على ما يجري من حولنا، سواء أكان ذلك في طهران، أو دمشق، أو “تل أبيب”، ثم بعد ذلك في قمة الرياض، لنصارح انفسنا بما فعلناه على مدى السنوات المنصرفة، سواء فيما يتعلق بالداخل او الخارج، ثم لنعرف ما هي خططنا، وما هي الاستحقاقات التي سنواجهها، هل جهزنا انفسنا للرد على اسئلة ما بعد صفقة القرن التي يبدو انها أسوأ من الصفقة ذاتها، من هم حلفاؤنا ومن هم خصومنا، وإذا ما اندلعت اي حرب في المنطقة كيف سنتعامل معها ومع ارتداداتها: هل سيكون الحياد الايجابي هو موقفنا، ام ان عصر الحياد انتهى الى غير رجعة؟
كل ما أستطيع ان أقوله هنا، هو أننا امام صيف ساخن جدا، ومناخات اقليمية ملتهبة، وفزعات دولية مغشوشة، وجبهة داخلية تعرضت لكثير من العبث، وتعاني من وطأة الفقر والتهميش والشعور بالقهر والخيبة، والسؤال الذي يجب ان نتوافق للإجابة عليه هو اين نضع اقدامنا في المرحلة القريبة القادمة؟
امام الأردن مساران (اضطراران ان شئت): الأول يتعلق بالداخل الوطني، إذ لا بد من انضاج حالة “توافق” وطني تشكل رافعة وظهيرا لأي خيار تتبناه الدولة، كما لا بد من تقوية الجبهة الداخلية وتحصينها لمنع أي اختراق يستهدفها.
أما المسار الثاني فيتعلق بتحديد اولوياتنا الوطنية في المرحلة المقبلة، وعلى اساسها يمكن ان نبني خياراتنا بشكل متوازن ومتنوع بحيث ننأى بأنفسنا عن الوقوع في “فخ” الاستقطابات، او الانحياز الى تحالفات رملية، مع ضرورة الحفاظ دائما على علاقات وطيدة مع عمقنا العربي، والتركيز على اهمية الحلول السياسية كمخرج للأزمات بدل / او في موازاة الحلول العسكرية المكلفة وغير المضمونة.
باختصار، الارضية التي يجب ان نضع اقدامنا عليها هي “المصلحة الأردنية”، فالمنطقة من حولنا تشتعل ومن المتوقع ان تستمر في اشتعالها لسنوات طويلة مقبلة، فنحن -كما ذكرت اكثر من مرة– امام انفجار “التاريخ” الذي سيمتد الى انفجار جغرافي ديني واجتماعي وسياسي، وعلينا ان ننتبه لمواطئ اقدامنا، لكي لا تأخذنا حسابات ردود الافعال الى مفاجآت لا نريدها، ولا تخدم مصالحنا، ذلك ان الاهم هو ان نحافظ على وجودنا في منطقة اصبح وجودها في مرمى الخطر.