في الزمانات؛ كنا نمنع أطفال الحارات الأخرى من السير في حارتنا، وكان بعضنا، ممن يستظرفون أنفسهم ولا يستطيعون (الهوش والمباكحة)، كانوا يقولون لأطفال الحارات الأخرى، ادفعوا كل واحد قرش اذا ودكو تمروا من حارتنا، وكانت طرقات القرية كلها من أجمل وأنظف الطرقات والشوارع التي عرفناها في المحافظة كلها.
في المجتمع متواضع المعرفة ومحدود الثقافة تنتشر الإشاعة، وتجد العقول مركبة تركيبا خاصا يميل الى الإثارة وتصديق الخبر الذي يجنح للظلم والشر والجريمة والفضائحية، ومع كل أسف ما زالت هذه الثقافة وهذا النمط من التفكير موجود في مجتمعنا، فمنذ أكثر من اسبوعين والأسئلة تردني وأحيانا يسألني الناس مباشرة (شو قصة القروش اللي لازم ندفعها اذا رحنا ع عمان من طريق الصحراوي؟!).. (هل وصلت في الحكومة ان تدفعنا خاوات؟!).. الخ منظومة الأسئلة التي بلا طعم ولا لو ولا فكرة سوى شيطنة الحكومات.
الموضوع ليس بالجديد، أعني موضوع إيجاد طرق بديلة، مؤثثة بشكل متكامل، واسعة، وممتازة البنى التحتية، تدشنها شركات استثمارية في أراض تابعة لها، أو مستأجرة من الحكومات، تنشىء بها طرقات مخدومة بشكل مثالي، وللسير عليها قوانين خاصة، ويدفع لتلك الشركات كل من يريد استخدام طرقاتها، وهي استثمارات موجودة في العالم وليست اكتشافا ولا فكرو عبقرية جديدة، وقد سمعنا عن تلك الفكرة أول مرة في الأردن، حين جرت توسعة بل بناء جديد لطريق المطار التي تصله بالعاصمة عمان، من جهة الدوار السابع، وحين تم فتح طرق جانبية لمسير كل السيارات، كانت تلك الطرق فاعلة ونظيفة، فبرزت عندئذ فكرة تأجير الطرق الجديدة، والسماح لمن يقود سيارته عبرها أن يسير بسرعات مناسبة، تختصر عليهم الوقت وتجنبهم أزمات السير الخانقة.. لقاء مبالغ يدفعونها لجهات تدير الطريق وتشرف على خدمته وصيانته.. واختفت الفكرة، ولست أعلم لماذا عادت إلى الواجهة، هل جاءت بناء على دراسات اقتصادية جديدة، المهم أن الناس يتحدثون عنها بشكل خاطىء، تنفيري تعبوي ضد الحكومة والدولة، وهذا خلل بكل المقاييس.
الطرق التي نتحدث عنها هي طرق إضافية مملوكة لقطاع خاص، ولا تلغي أو تقلل من مستوى الطرق التي تدشنها البلديات ووزارة الأشغال العامة، التي تربط بين كل المواقع في البلاد.. هذه طرق موجودة ولن تتغير ولا يمكن ان تتقاضى الدولة أجرا عن مرور الناس والسيارات عبرها، لكن الحديث عن امكانية بناء طرق بديلة، توفر مجالا افضل للسير عليها بحكم قلة عدد السيارات التي تسير فوقها وهذه أهم ميزاتها، فهي طرق بديلة بالإيجار لمن يريد أن يتجنب الاختناقات المرورية، والسرعة عليها عادية ولا تزيد عن الطرق الحكومية الا قليلا، بسبب قلة عدد المركبات التي تستخدمها.. وليس الأمر كما يقول القائلون (الحكومة بدها تبيعنا شوارعنا)!!.
بهذه المناسبة اريد ان أقدم شكواي لبلدية شيحان ومجلسها البلدي:
حين كانت لقريتنا بلدية مسؤولة عن خدماتها وطرقاتها، كانت القرية تتمتع بأفضل وأنظف شوارع، اليوم ومع احترامي لمخيمات شنلر والبقعة، أصبح مستوى شوارع قريتنا التي تقع تحت مسؤولية بلدية تابعة لوزارة البلديات، أقل من مستوى المخيمين المذكورين التابعين لوكالة الأونروا..
لماذا أصبحت قريتنا الجميلة دون المستوى؟!.