زاد الاردن الاخباري -
كتب الدكتور جمال المصري - قال نائب رئيس الوزراء، وزير الإدارة المحلية توفيق كريشان، اليوم الثلاثاء إن الحكومة ليست غاوية رفع الأسعار وخصوصا المحروقات، إلا أن المحافظة على سعر الدينار يتطلب القيام بإجراءات غير شعبوية.
استخدام فزاعة سعر صرف الدينار ليست جديدة لتبرير زيادة الأسعار وخاصة المشتقات النفطية ليست بجديدة على حكوماتنا.
فما زال مشهد الرئيس النسور قبل عشر سنوات في مساء 22/10/2012 على شاشة التلفزيون الأردني وهو يحاول توضيح ما يمكن أن يواجه الدينار الأردني من تحديات والتي لخصها بانخفاض مستوى الاحتياطيات الأجنبية وقتها حسب إدعائه.
وذكر وقتها بأن أولويته هي الحفاظ على سعر صرف الدينار والتي لا يمكن أن تتحقق إلا برفع الدعم عن المشتقات النفطية مستندا إلى ربط غريب بين قرار رفع الدعم من جهة ودفع المخاطر عن العملة الوطنية وسعر صرفها من جهة أخرى.
وبعد المقدمة التراجيدية والاستعطافية تلك وضع الأردنيين أمام خيارين لا ثالث لهما حسب ادعائه وأطلق عبارته وفزاعته التي ما زال يذكرها كل الأردنيين ويتندرون بها: "رفع الاسعار أو سعر صرف الدينار" !.
وكان مبعث التندر حينها ذلك الربط بين الدعم وسعر الصرف، واذا ما كان هناك علاقة فعلية وحقيقية بين الاثنين نظريا وعمليا. وقد لاقى ذلك الحديث استغراب الاردنين والمحللين حتى البنك المركزي المعني الوحيد، حتى أنه لم يجد أحدا من اصحاب الدعسة الفجائية والسريعة من الكتاب والمحلليين الذي يجلسون في وضع الاستعداد الدائم لتجميل القرار وتسويق مسوقاته.
الشيء الوحيد الذي أسعف الرئيس النسور حينها هو إقرار دعما نقديا مباشرا يستهدف الفئات المستحقة وفق معايير وضعتها الحكومة حينها والذي سرعان ما تم الغاؤه مع قدوم الحكومة التالية لحكومة النسور ولغاية يومنا هذا.
نسوق هذه السردية التي لا يرغب الكثيرون سماعها ربما لأن حكومة الخصاونة اليوم وعلى لسان وزير الشؤون المحلية اي البلديات بعد أيام على تصريحات وزير الداخلية تعاود صياغة نفس المشهد وبنفس الطريقة والأسلوب، وتحاول تصدير علاقة وهمية وربطا عجيبا يتكرر للمرة الثانية بعد عشر سنوات عجاف من الإصلاح والتقشف وربط الأحزمة الذي لم يثمر غير كل ما هو مر وعلقم، ولتعود بنا الحكومة إلى نفس نقطة البداية ولتدير نفس الأسطوانة المشروخة ولحنها النشاز.
ومن المفارقات أن تتغنى الحكومة وفي مقدمتها الرئيس بارتفاع حجم الاحتياطيات من العملات الأجنبية وبقوة الدينار الأردني وبقائمة إنجازات لا تنفك تسردها في كل اليوم.
يبدو أن هذه التصريحات، ومنذ فترة، وعلى لسان أكثر من وزير من غير الطاقم الاقتصادي ملتزمون بحملة تمهيد لقرارات غير مفهومة وصعبة جدا؛ طالما اسماها نائب الرئيس اليوم بغير الشعبوية وكان بشر بصعوبتها قبله وزير المالية يوم إقرار الموازنة.
ان إقحام سعر الصرف في معادلة الحكومة لرفع الأسعار والتخلي عن دورها الأصيل في دعم المواطنين مقابل انخفاض القدرة الشرائية بسبب إرتفاع الأسعار، يقتضي أن يخرج الوزراء الاقتصاديون في الحكومة على الأقل لتوضيح زيف وعدم وجود هذه العلاقة المتوهمة بين سعر الصرف وبين أحجام الحكومة عن تقديم الدعم للمواطن مقابل رفع الأسعار بعد أن ثبتت نيتها رفع أسعار كل شيء وتوضيح ما جرى علينا بتوجيه من برامج صندوق النقد وإلى أي مدى على المواطن أن يدوم صبره الذي عيل فيه.
وقد يكون البنك المركزي بعد هذا التصريح معنيا ومطالبا بالرد على هذا التذاكي الحكومي غير الصديق، طالما ان هذا التصريح وما ماثله تعدي صريح واضح على استقلالية البنك المركزي ومحاولاته للحفاظ على استقرار سعر صرف الدينار باستخدام كل أدوات سياسته النقدية وآخرها إجراءات رفع سعر الفائدة ودعمه للقطاعات الإنتاجية وتوفير التمويل لها.