زاد الاردن الاخباري -
كتب : فايز الفايز - كل دول العالم حتى أفقرها في القارة السوداء وجنوب شرق آسيا تقاتل لجذب الاستثمارات وتدفق الأموال عليها، وهناك دول كانت مدفونة تحت أنقاض العجز المالي وتحت ظروف حرب أهلية ودمار في البنى التحتية، ونراها اليوم وقد قلبت كل موازين الماضي لتقفز الى مصاف الدول الجاذبة للاستثمار يقابلها تصدير السلع والبضائع من شتى الأنواع للعالم، ونحن في الأردن لا زلنا نبحث عن صاحب ثروة متواضعة كي نخضعه لقائمة الدفع الإجباري بالقوانين والأنظمة، ولا نقدم له أي دعم ولو معنوي ليحافظ على استقراره المالي والعملي، وكل هذا يحصل وبعض المسؤولين المعنيين ينظرون كيف تسربت الأموال الى الخارج.
لا شك أن جائحة كورونا كان لها النصيب الأكبر من ضرب عصب الاقتصاد، وإغلاقات الأسواق والأعمال خلال تلك الفترة المقيتة أدت الى كشف الانهيار الذي أصاب كبار التجار والمستثمرين وأرباب السوق، ولكن بدل أن نعطي دفعة معنوية لهم كي يقوموا من جديد، تفننا باستنباط نوافذ متعددة للتحصيل لمن معه ومن لا يملك، وبدل تحريك السوق الأكبر للعقار،كمثال، رفعنا سعر الأساس للعقار لأعلى سقف لا يباع فيه ولا يشترى، وألغيت آلية التقدير لسعر العقار حسب الموقع أو الأرض أكانت في بطن الوادي أو قمة الجبل، وطبق عليها نظام رسوم موحد، ما ظهر اليوم الذي وصل فيه الحال لشبهة توقيف لحركة البيوعات، وهذا بالطبع خسارة كبيرة للموازنة لا أحد يهتم لها.
في المقابل نجد أن قطاع البنوك هو الآخر يقفز الى الأمام نتيجة رفع سعر الفائدة ويحقق أرباحاً قياسية مدعوما بكرّم البنك المركزي الذي قدم لها ملايين الدنانير في وقت الجائحة ولم ينعكس منها شيء على العملاء والمقترضين، بل إن هناك بعض البنوك تشترط لإعطاء القروض للرجال بكفالة الزوجة أو الأخت، وهذه البدعة ليست في العالم كله، إلا في مؤسسات الإقراض التي تم السماح لها لتتمد في أحياء المدن، فيما قطاع السياحة الشعبية يئن وهو يرى الدعم المالي لشركات طيران عارض يتنعم فيه السائح الأجنبي، وغالبية الأردنيين يذهبون في سياحة ريفية تحت أشجار البلوط وقوارع الطرق الرئيسة.
كل ما سبق هو أعراض مرض يعاني منه بعض المسؤولين الصغار الذين لا يعرفون أصلا كيف يديرون المشهد لتحقيق النمو وخلق الفرص والحفاظ على الكفاءات الوطنية، فكم من مؤسسات خدمية وبلدية لا تقدم أي شيء للمواطن إلا في بداية العام المالي في جهد متواضع لتحصيل رسوم مسقفات وضرائب وغرامات على الضرائب والتأخير وجباية الأموال بأي طريقة، وغالبيتها تذهب رواتب لموظفين متكدسين في مكاتبهم في بطالة مقنعة لا يعملون شيئاً سوى جملة واحدة مفادها" تعال بعد يومين".
هذه بيئة طاردة ومحبطة تدفع أي مستثمر للهروب بأمواله من هذا البلد، ليس المستثمر الخارجي فحسب، بل حتى الأردنيون هربوا بأموالهم وبالملايين لدول ليس لهم فيها أي قريب أو موظف في دائرة يتوسطون لديه، وهذا ما نحذر منه اليوم وعلى الدولة برمتها الانتباه له، فالمعلومات المؤكدة تفيد بأن مجموعة من أصحاب المليارات والملايين، وهم أردنيون، بدأت بتصفية أعمالها التاريخية تجارية كانت أو عقارية أو استثمارية والخروج بتذكرة سفر بلا عودة، كمن سبقهم، وهذا مؤشر لما ينتظرنا إذا بقيت العقلية محكومة بقانون إدفع.
من هنا يجب على عقل الدولة أن يتم تفعيل آلية لمراقبة تدفق الأموال الى الخارج، أكان عن طريق الحوالات البنكية القانونية أو عن طريق تحايل العديد من مالكي الأموال الذين استفادوا من الإقامة في الأردن عبر شركات الصرافة، حتى لا نستفيق يوما لنجد شح السيولة أكثر مما نحن فيه اليوم، ولننظر الى تركيا وهي الوجهة الأكثر جذبا للمغادرين بلدنا، حيث لا يسمح تحويل أي مبلغ مالي لمدة خمس سنوات بعد الحصول على الإقامة والاستثمار فيها، ونحن نترك الحبل على الغارب لكل قادم يعيد تحويل أمواله لدول أخرى بطريقة التنظيف المالي.. فهل هناك سامع؟
Royal430@hotmail.com